الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

فلسطين تبدأ مفاوضاتها مع مصر لترسيم الحدود البحرية بينهما قريباً

أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – بدأت فلسطين أولى خطواتها العملية لترسيم حدودها البحرية مع جمهورية مصر العربية عبر تشكيل فريق مختص للتفاوض مع القاهرة، وذلك في أعقاب توقيع فلسطين على ميثاق منتدى "غاز شرق المتوسط" بشكل منفصل في سبتمبر الماضي بسبب مشاركة إسرائيل فيه، وحصولها على الموافقة المصرية في الشهر ذاته، من أجل البدء ببحث قضية الحدود البحرية.

يأتي ذلك بعد أن وقعت مصر اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع كلِ من اليونان وقبرص في أغسطس الماضي، وتوقيعها على اتفاقية منتدى "غاز شرق المتوسط" والتي تضم إسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية واليونان بالإضافة لمصر من أجل بدء كل دولة في التنقيب عن الموارد الطبيعية الخاصة بها في البحر المتوسط، وذلك بعد أن بدأت تركيا بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها مع اليونان.

موافقة مصر على بدء التفاوض جاء أيضاً بعد إعلان السفير الفلسطيني في أنقرة فائد مصطفى في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام تركية في 22 يونيو الماضي، استعداد فلسطين التفاوض مع تركيا لترسيم الحدود البحرية بينهما، قائلاً: "نحن منفتحون على كل فكرة تعمّق علاقاتنا مع تركيا وهذا يتضمن صفقة بشأن المناطق الاقتصادية الخالصة".

مسئول في وزارة الخارجية الفلسطينية وعضو في فريق التفاوض طلب عدم الإفصاح عن هويته كشف لـ"المونيتور" أن الفريق الذي سيتولى مهمة التفاوض يضم العديد من الخبراء في مجالات عدة منها الحدود والموارد الطبيعية، مشيراً إلى أن مهمة ترسيم الحدود البحرية أصبحت حاجة ملحة الآن في ظل استمرار إسرائيل بسرقة الموارد الطبيعية الفلسطينية من أمام السواحل الفلسطينية وتحديداً الغاز الطبيعي، ورغبة الفلسطينيين في الاستفادة من مواردهم الطبيعية لسد احتياجاتهم من الطاقة.

وتوقع المسئول الفلسطيني أن تبدأ عملية التفاوض مع مصر خلال الأشهر المقبلة، وبعد اتفاق الطرفين على موعد محدد، لافتاً إلى أنهم تلقوا موافقةً مصرية رسمية في سبتمبر الماضي، حول التفاوض على ترسيم الحدود البحرية، وأن المباحثات ستتم في العاصمة المصرية القاهرة.

وشدد على أن احتياطات الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافها على بعد 36 كيلو متر من سواحل قطاع غزة عام 1999 تقدر بـ 32 مليار متر مكعب وتغطي الاحتياجات المحلية من مصادر الطاقة والغاز لمدة 20 عاماً على الأقل، بالإضافة إلى أنها تجعل فلسطين من الدولة المصدرة للغاز، وبالتالي توفر عائد مادي يقدر بـمليارات الدولارات سنوياً، وهو ما يحتاجه الفلسطينيون الآن لسد العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة الفلسطينية جراء تراجع المساعدات الدولية والعربية، وحجز إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية.

وكانت فلسطين قد أودعت لدى الأمم المتحدة في 8 أكتوبر 2019، خرائط وإحداثيات الحدود البحرية الفلسطينية، وأرسلت نسخةً من تلك الخرائط والإحداثيات لجامعة الدول العربية.

الموافقة المصرية على بدء التفاوض جاءت ثمرةً لسلسلة خطوات قامت بها السلطة الفلسطينية من أجل ترسيم حدودها البحرية، ومن ضمنها مباحثات مع مصر منذ عام 2016، وانضمام فلسطين في عام 2015، إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بقانون البحار، وكذلك تشكيل الحكومة الفلسطينية للفريق الوطني لترسيم الحدود البحرية في يونيو 2017، بالإضافة للانضمام لاتفاقية منتدى "غاز شرق المتوسط" في سبتمبر الماضي.

رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى قال في حديث مع وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) في 28 أكتوبر الماضي: "موضوع ترسيم الحدود جاء بناءً على طلب فلسطيني قدم للأمم المتحدة، وقابله ملاحظات (لم يحددها) من دول الجوار".

وأضاف مصطفى: "منتدى شرق المتوسط أكد على أهمية تمكين الجانب الفلسطيني من استغلال حقل غزة مارين باعتباره أحد موارده للطاقة، وقد اعترفت إسرائيل بذلك، وتعهدت بتمكين الجانب الفلسطيني من تطوير موارده عملاً بميثاق المنتدى".

ومنعت إسرائيل نهاية عام 2000، وفي أعقاب اندلاع انتفاضة الفلسطينيين من الاستمرار في التنقيب بالحقلين (غزة مارين 1 وغزة مارين 2) الذين اكتشفتهما شركة بريتش غاز البريطانية -التي اشترتها لاحقاً شركة شل-، والذي حازت على نسبة 60 بالمائة من عائدات الحقلين وفق الاتفاقية التي وقعتها مع السلطة الفلسطينية، فيما حازت شركة اتحاد المقاولين (CCC) على 30 بالمائة، واستحوذ صندوق الاستثمار الفلسطيني على 10 بالمائة.

وينص قانون البحار الصادر عن الأمم المتحدة 1982، أن الدول الساحلية لها الحق في الاستفادة من الموارد الطبيعية لمسافة 200 ميل بحري من سواحلها وإعلانها منطقة اقتصادية حصرية (EEZ).

عميد كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة سمير أبو مدللة رأى في حديث مع "المونيتور" أن التفاوض على الحدود البحرية يشكل أهمية لدى الفلسطينيين لا سيما في ظل قيام العديد من الدول في حوض البحر المتوسط بتوقيع اتفاقيات مشتركة لرسم حدودها البحرية من أجل البدء في التنقيب عن الموارد الطبيعية وفي مقدمتها الغاز الطبيعي.

وأوضح أن الفلسطينيين بحاجة لاستغلال مواردهم الطبيعية التي تقوم إسرائيل باستخراجها منذ عشرات السنوات، لافتاً إلى أن المعيق الأبرز أمام الفلسطينيين هي إسرائيل التي تمنعهم منذ عام 2000، الاستفادة من مواردهم الطبيعية واستخراج الغاز قبالة شواطئ قطاع غزة.

وبين أن تحديد الحدود البحرية مع مصر سيقلص بشكل كبير الحوادث البحرية التي تقع بين حين وآخر، والتي راح ضحيتها بعض الصيادين الفلسطينيين جراء دخولهم بطريق الخطأ للمياه الإقليمية المصرية، ناهيك عن الاستفادة من الثروة السمكية في المنطقة المشتركة بين البلدين والتي هي غنية بالأسماك.

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس حنا عيسى في حديث مع "المونيتور" أن خطوة ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين ومصر تحفظ الحقوق الفلسطينية، مستدركاً: "إلا أنها خطوة ناقصة في ظل عدم اعتراف إسرائيل بحدود دولة فلسطين وفق قرارات الأمم المتحدة، واستمرار احتلالها للأراضي والمياه الفلسطينية". 

وكان آخر تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في ديسمبر 2019، ذكر أن تكلفة الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الفترة الواقعة بين عام 2000 و2017، تقدر بنحو 47.7 بليون دولار، تشمل السيطرة على الموارد الطبيعية وحرمان الفلسطينيين من الاستفادة منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...