الخميس، 24 سبتمبر 2020

لماذا أعاد الإعلام المصري هجومه على حركة حماس؟

أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – أعادت غالبية وسائل الإعلام المصرية هجومها على حركة حماس في الـ 19 من سبتمبر الجاري، وذلك بعد عام ونصف من حالة التقارب التي شهدتها العلاقة الحمساوية – المصرية، وحالة الهدوء الإعلامي من قبل وسائل الإعلام المصرية ضد الحركة.

الهجوم الإعلامي المصري جاء بعد أيام قليلة من بث قناة الجزيرة القطرية لتحقيق استقصائي في 13 سبتمبر الجاري، حمل اتهامات لمصر بالمساهمة في تشديد الخناق على الحركة في قطاع غزة، ومنع إمدادات السلاح عنها، عبر إقامة منطقة أمنية عازلة على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة.

كما وجاء الهجوم الإعلامي، بعد 3 أسابيع من نجاح قطر وفشل المخابرات المصرية في التوصل لاتفاق تهدئة بين حركة حماس وإسرائيل في 31 أغسطس الماضي، وتكفل قطر بتجديد وزيادة المنحة المالية لقطاع غزة لـ 6 أشهر قابلة للتمديد، بالإضافة إلى تكفلها بالضغط على إسرائيل لتنفيذ المشاريع الإنسانية في قطاع غزة، ناهيك عن انتقاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 21 أغسطس الماضي، للموقف المصري المؤيد لاتفاقيات السلام بين الدول الخليجية وإسرائيل.

الصحف المصرية ركزت في هجومها على العلاقة الجيدة التي تربط تركيا وقطر بحركة حماس، واتهمت الحركة بالمتاجرة في القضية الفلسطينية مقابل المنح المالية القطرية التي تقدم لقطاع غزة بشكل شهري.

سبب آخر وراء الهجوم الإعلامي المصري على الحركة يأتي بعد زيارات هنية للعديد من الدول وتحديداً إيران وتركيا ولبنان والتي اشترطت مصر السماح لهنية بالخروج من قطاع غزة في ديسمبر الماضي، بألا يزور تلك الدول.

وأنهى هنية في 21 من سبتمبر الجاري، زيارةً للبنان تخللها لقاءات مع المؤسسات الرسمية اللبنانية، وكذلك الأحزاب وفي مقدمتهم حزب الله الذي التقى الأمين العام له حسن نصر الله في 6 سبتمبر الجاري، ليتوجه بعدها في 21 من سبتمبر الجاري، إلى تركيا لعقد لقاءات مع حركة فتح في إسطنبول.

"المونيتور" تواصل مع أكثر من مسئول في حركة حماس لأخذ موقفهم حول الهجوم الإعلامي المصري ضد حركتهم، إلا أنهم رفضوا الحديث، وأكدوا أن لديهم تعليمات عليا من قيادة الحركة بعدم الرد على الهجوم الإعلامي المصري منعاً لعودة توتر العلاقة مع مصر.

برلماني مصري طلب عدم كشف هويته ذكر لـ "المونيتور" أن حالة التذبذب في العلاقة بين حماس ومصر هي السائدة على مدار عشرات السنوات، مشيراً على أن النظرة لدى القيادة المصرية وجهاز المخابرات لم ولن تتغير تجاه الحركة بسبب أيديولوجيتها وانتمائها لجماعة الاخوان المسلمين.

وأوضح أن الحركة وسياساتها تضر بالقضية الفلسطينية التي تسعى مصر لأن تحفظها من الضياع في ظل حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني، لافتاً إلى أن حماس ارتضت بالمال القطري مقابل وقف الهجمات المسلحة ضد إسرائيل، بل وتقوم بعملية حماية للحدود مع إسرائيل وتمنع أي فصيل مسلح من القيام بأي عمل عسكري.

وأشار إلى أن مواقف حماس ضد مصر لم تتغير، منوهاً إلى أن الحركة سمحت لصحفيين من قناة الجزيرة بتصوير الأعمال الهندسية التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية على طول الحدود مع قطاع غزة والتي تهدف لحماية الأمن القومي المصري، ومنع أي تهريب للسلاح أو المتشددين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، بهدف تشويه صورة مصر واتهامها بأنها تشدد الخناق على قطاع غزة.

الهجوم الإعلامي المصري جاء على الرغم من الوساطة التي يقوم بها جهاز المخابرات المصري بين حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق تبادل أسرى بين الجانبين، إلا أن تلك الوساطة لم تحرز تقدماً في ظل اتساع الهوة بين الجانبين وإصرار كل طرف على شروطه للتقدم في مباحثات تبادل الأسرى، والتي تأجلت إلى ما بعد انتهاء الأعياد اليهودية.

المحلل السياسي ورئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين المحلية والمقربة من حركة حماس مصطفى الصواف اعتبر في حديث مع "المونيتور" عودة الهجوم الإعلامي المصري ضد حماس بالأمر غير المستغرب، قائلاً: "صمت الاعلام المصري أو هجومه على حركة حماس له أهداف، وهناك أذرع أمنية وسياسية مصرية تزوده بالمعلومات التي تضخ بشكل متواصل".

ورأى الصواف أن الهجوم الإعلامي جاء بعد أن شعرت مصر بفشلها في تفاهمات التهدئة الأخيرة بين حماس وإسرائيل، مقابل نجاح الوساطة القطرية، بالإضافة إلى خوفها (مصر) من أن تتجه حماس بشكل كامل للمحور القطري - التركي وتخليها عن أي جهد مصري في الملف الفلسطيني.

واستبعد الصواف أن يستمر الهجوم الإعلامي المصري ضد حركة حماس طويلاً، وذلك في ظل رفض الأخيرة الرد على ذلك الهجوم، بالإضافة إلى رغبة مصر في الاستمرار برعاية الملف الفلسطيني داخلياً وفي العلاقة بين حماس وإسرائيل.

وتوافق المحلل السياسي والكاتب في صحيفة الأيام الفلسطينية طلال عوكل في حديث لـ"المونيتور" مع سابقه في أن الهجوم الإعلامي غير مفاجئ في ظل أن العلاقة بين حماس ومصر هي علاقة اضطرارية وليست علاقة استراتيجية، بحكم الجغرافيا بينهما، وكذلك رغبة مصر في عدم ترك الملف الفلسطيني لدولة أخرى كقطر أو تركيا.

وتوقع عوكل أن يهدف الهجوم الإعلامي المصري الضغط على حماس لعدم الانحياز الصارخ لمحور تركيا – قطر، ورغبتها أيضاً في انتزاع بعض التنازلات من الحركة في ملف تبادل الأسرى بهدف الإسراع في إنجازه، وتسجيل مصر لنفسها إنجازاً بعد فشل جهودها مؤخراً في اتفاق التهدئة بين حماس وإسرائيل.

وعلى الرغم من حالة التوتر الإعلامي، إلا أنه من المستبعد أن تعود العلاقة بين الجانبين إلى حالة من القطيعة كما جرى في أعقاب وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحكم، لقناعة كلا الطرفين أنهما بحاجة لبعضهما البعض في بعض الملفات وتحديداً الأمنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...