السبت، 9 يناير 2021

إغلاق الخطوط الجوية الوطنية.. الفلسطينيون يتخلون عن أحد رموز السيادة

أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – أثار قرار وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية في 29 ديسمبر الماضي، إغلاق الخطوط الجوية الفلسطينية وتصفية عملها وبيع الطائرتين اللتين تمتلكهما، حالة من الاستغراب والرفض في أوساط الفلسطينيين الذين اعتبروا ذلك القرار بمثابة تخلي عن أحد الرموز السيادية للدولة الفلسطينية.

وزارة النقل الفلسطينية بررت قراراها بالتكاليف المالية لصيانة الطائرتين من نوع فوكر 50 واللتين يزيد عمرهما عن 30 عاماً، ورفض أي من شركات الطيران استئجارها في ظل جائحة كورونا، ناهيك عن التكاليف المالية التي يتم دفعها مقابل رسوها على أرض المطار في مصر والأردن.

الفلسطينيون يضطرون إلى استعمال مطارات في مصر والأردن من أجل إقلاع وهبوط تلك الطائرتين، وذلك في ظل إغلاق وتدمير إسرائيل لمطارهم الوحيد جنوب قطاع غزة في أعقاب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، والذي لم يعمل سوى عامين فقط من افتتاحه.

الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى الرحال ذكر لـ"المونيتور" أن النيجر كانت آخر دولة استأجرت إحدى الطائرتين الفلسطينيتين لمدة ست سنوات قبل أن تبلغ شركة الخطوط الجوية الفلسطينية قرارها في يونيو الماضي، عدم تجديد عقد الاستئجار بسبب جائحة كورونا.

وأوضح الرحال، أن النيجر كانت تدفع 96 ألف دولار شهرياً مقابل استئجار الطائرة، وهو ما كان يساهم في نفقات صيانتها، ولكن بعد عدم تجديد العقد فأصبح من الصعب تحمل التكاليف المالية لصيانتها، وتم عرضها للبيع، ولكن إلى اليوم لم نتلق أي عرض لشرائها لأنها قديمة ويزيد عمرها عن 30 عاماً.

وبين الناطق باسم وزارة النقل، أن الخطوط الجوية الفلسطينية حالياً غالبية طياريها أصبحوا متقاعدين بسبب تقدمهم في السن، وعدم تلقيهم تدريبات حديثة على الطيران جراء عدم وجود مطارات فلسطينية، وهو ما دفعنا لاتخاذ القرار بإغلاق الشركة وتجميد ترخيصها.

وكانت شركة الخطوط الجوية الفلسطينية تأسست عام 1995، وبدأت عملها من قطاع غزة في يونيو 1997، قبل أن تنتقل للعمل في مصر بعد إغلاق وتدمير إسرائيل لمطار غزة الدولي عام 2000، ومنذ بدء عملها امتلكت الخطوط الجوية الفلسطينية 3 طائرات إحداها بوينغ 727 بتبرع من الأمير الوليد بن طلال، وطائرتي فوكر 50 قدمتها الحكومة الهولندية منحة للشعب الفلسطيني عام 2000.

مسئول في شركة الطيران الفلسطينية طلب عدم ذكر هويته لـ"المونيتور" أن قرار إغلاق الشركة يعني تخلي الفلسطينيين عن شهادة AOCK، والتي أتاحت لشركة الخطوط الجوية الفلسطينية ودولة فلسطين لأن تكون عضواً في منظمة الطيران المدني الدولي ICAO، وعضواً في اتحاد النقل الجوي الدولي IATA، وهو ما يعني تجميد عضوية فلسطين أيضاً في تلك المنظمات.

وأشار المسئول أن تكلفة صيانة طائرة واحدة من الطائرتين اللتين تمتلكهما الخطوط الجوية الفلسطينية يصل إلى 250 ألف دولار، بالإضافة إلى أنها بحاجة لرسوم تأمين بقيمة 236 ألف دولار، والاشتراك السنوي لشركة فوكر بقيمة 34 ألف يورو، ناهيك عن دفع أكثر من 100 دولار يومياً لمطاري القاهرة وعمان جراء مكوثها الطائرتين على مدارجهما.

تصفية عمل الخطوط الجوية الفلسطينية بدأ تدريجياً منذ وقف العمل في مطار غزة الدولي عام 2000، ونقل الشركة لعملها إلى مصر، إذ كان عدد موظفي الشركة في ذلك الوقت قرابة الألف ما بين طيار ومهندس وفني وإداري، لينخفض العدد تدريجياً مع نقل الشركة عملها لمصر، ويسرح غالبية العاملين فيها جراء الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية والشركة، وصولاً لإغلاقها مع نهاية 2020.

الأزمة المالية لم تقنع المختصين الاقتصاديين الفلسطينيين لتبرير إغلاق الشركة، وقال عميد كلية الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة سمير أبو مدللة لـ"المونيتور": "السلطة الفلسطينية عليها ديون خارجية وداخلية تقدر بـ 4.5 مليار دولار، وإنهاء عمل الخطوط الجوية الفلسطينية لن يخفف من الديون أو الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية"، معتبراً أن القرار بمثابة تخلي عن رمز من رموز السيادة الفلسطينية.

وطالب أبو مدللة السلطة الفلسطينية بالتراجع عن قرار إغلاق الشركة، والعمل على تطويرها لكي تعود بالعائد المالي للفلسطينيين، لافتاً إلى أن القرار يمثل هدية لإسرائيل ومبرر لها في رفض إقامة أي مطار فلسطيني.

من جانبه، وصف الباحث في التراث والفلكلور الشعبي الفلسطيني فادي عبد الهادي على حسابه عبر فيسبوك قرار إنهاء عمل الخطوط الجوية الفلسطينية بـ"المؤلم" وأرفق مجموعة صور قديمة للحظات افتتاح مطار غزة الدولي وهبوط أول طائرة فلسطينية على مدرجاته.

أما المهندس المختص في أنظمة الدفع والمحركات بالخطوط الجوية الفلسطينية فهد عبد فقال على حسابه عبر فيسبوك: "نكسة جديدة وخبر محزن وقرار متسرع أقدمت عليه وزارة النقل والمواصلات بإغلاق الخطوط الجوية وتجميد تسجيلها، متجاهلةً التضحيات والجهود التي بذلها الرئيس الراحل ياسر عرفات ومعه بناة الحلم الفلسطيني ليكون لنا خطوط جوية". وأضاف: "سنواجه هذا التدمير الذاتي بكل الوسائل المتاحة حتى لو تطلب الأمر اللجوء للقضاء سيما وأن المبررات واهية".

يبدو أن الستار قد أسدل على حلم إقامة مطار فلسطيني بعد قرار إغلاق الخطوط الجوية الفلسطينية، وبذلك يكون الفلسطينيون قد تخلوا عن مظهر أساسي ومهم من رموز سيادتهم وأعادهم خطوات للوراء في مشوار بناء مؤسسات دولتهم التي يحلمون بإقامتها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...