الثلاثاء، 13 أبريل 2021

اكتشاف أثري جديد في دير القديس "هيلاريون" وسط قطاع غزة

أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – عثر خبراء آثار في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بقطاع غزة وبالتعاون مع بعض خبراء الآثار الفرنسيين على عدد من القبور البيزنطية في موقع دير القديس سانت هيلاريون الأثري وسط غرب قطاع غزة.

العثور على القبور جاء في إطار مرحلة جديدة من أعمال التنقيب التي تقوم بها بعثة فرنسية في موقع الدير منذ بداية عام 2021، وذلك للكشف عن المزيد من الأسرار والمقتنيات، والعمل على ترميم وحفظ ما تبقى من آثار بداخله.

واكتشف موقع القديس هيلاريون عن طريق الصدفة من قبل بعض العمال الفلسطينيين الذين يجمعون الخردة في تلك المنطقة عام 1990، وبدورها علمت سلطة الآثار الإسرائيلية بالأمر، وقامت بالسيطرة على المكان، وأجرت أعمال تنقيب بداخله استمرت لسنوات، وذلك قبل إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994.

يتهم الفلسطينيون إسرائيل بسرقة ما يقرب من 60 بالمائة من الآثار والمقتنيات التي كانت موجودة في الموقع، والتي من ضمنها أعمدة رخامية كبيرة وأواني ذهبية ونحاسية كانت تستخدم من قبل الرهبان، وتم نقلها إلى متحف "الروكلفر" في القدس، ولم تفلح كل مناشدات البعثات الفرنسية للتنقيب عن الآثار في الموقع، وكذلك مناشدات السلطة الفلسطينية لإسرائيل من أجل إعادة المسروقات.

وتذكر المعلومات التاريخية أن القديس سانت هيلاريون الذي ولد ما بين عام 291-292 ميلادي في قرية طباثا جنوب مدينة غزة، وتوجه إلى مصر للدراسة، واعتنق المسيحية وتتلمذ على يد القديس أنطونيوس، وعند عودته إلى غزة عام 306 ميلادي، اتخذ مكاناً منعزلاً للتعبد والرهبنة في منطقة تسمى محلياً "تل أم عامر" وسط غرب قطاع غزة، وبدأ بإنشاء الدير عام 329.

رينيه ألتر (Rone Elter) عالم الأثار الفرنسي ومدير الترميم في موقع القديس هيلاريون ذكر لـ"المونيتور" أن القبور الجديدة المكتشفة وعددها ثلاثة يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، متوقعاً اكتشاف المزيد من المرافق والمقتنيات داخل الدير الذي يزيد مساحته على الـ 15 ألف متر مربع.

وأشار ألتر إلى أن جميع القبور المكتشفة أخذت الاتجاه الشرقي الغربي، ويعتقد الخبير الفرنسي أن العظام التي عثر عليها داخل القبور تعود للعاملين في الموقع من الرهبان، أو من الأشخاص الذين كانوا يزورون المكان للتعبد.

وأوضح أن أعمال التنقيب التي تتم منذ 25 عاماً في موقع دير القديس هيلاريون على فترات متقطعة، تتم في مساحة 8 آلاف متر مربع من مساحة الموقع، فيما لا تزال مساحة 7 آلاف متر لم يتم الكشف عن آثارها بعد.

وبين خبير الآثار الفرنسي أن دير القديس هيلاريون يعد من أكبر وأقدم الأديرة المقدسة في الأراضي الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الرهبنة دخلت الأراضي الفلسطينية على يد هيلاريون الذي يطلق عليه أبو الرهبنة الفلسطينية.

وأشار إلى أنه بفضل التبرعات التي تقدمها العديد من المؤسسات الدولية المهتمة بحفظ الآثار والتراث فإن العمل للكشف عن آثار الموقع وترميمها والحفاظ عليها يسير بشكل جيد، مشيراً إلى أن الموقع بحاجة للكثير من الدعم للحفاظ عليه.

ويضم موقع القديس هيلاريون الذي يبعد عن شاطئ بحر وسط قطاع غزة عشرات الأمتار فقط، على مجمع كنسي والعديد من السراديب والمصلى والمغاطس وسكن الرهبان والديماس والحمام والفناء وبئر مياه وقبور العديد من الرهبان والحجاج الذين كانوا يحجون إلى المكان من جميع مناطق الشرق الأوسط.

ومنذ أن أصبحت فلسطين عضواً في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، عام 2001، أعدت قائمة بعشرين موقعاً أثرياً فلسطينياً لتسجيلها ضمن القائمة التمهيدية لليونيسكو لإدراجها على لائحة مواقع التراث العالمي، ومن بينها موقع دير القديس هيلاريون.

فضل العطل الفني في ترميم وصيانة الآثار وأحد المشرفين على موقع دير القديس هيلاريون، كشف لـ"المونيتور" أن القبور المكتشفة تجري عليها دراسات وأخذت بعض العينات منها لمعرفة هوية الشخصيات التي دفنت بداخلها.

وبين العطل أن العديد من الاكتشافات الأثرية التي تتم بين حين وآخر في الموقع يتم الحفاظ عليها في أماكنها بعد ترميمها وتغطيتها بطبقة من الرمال، بالإضافة إلى نقل جزء آخر منها إلى العديد من المتاحف في قطاع غزة لعرضها أمام الجمهور.

وأوضح أنه على مدار سنوات التنقيب والترميم تم العثور على رفات ما يقرب من 70 شخصاً في الموقع، مشيراً إلى أن عشرات الباحثين الفلسطينيين من خريجو أقسام التاريخ والآثار في الجامعات الفلسطينية يساعدون البعثات الفرنسية التي تقوم بالتنقيب في الموقع وحفظ آثاره.

ومنذ عام 2018، رصدت العديد من المؤسسات المهتمة بالتراث والآثار، وفي مقدمتها المجلس الثقافي البريطاني ومنظمة الإغاثة الأولية الدولية وبإشراف من دائرة الآثار في فلسطين والمدرسة الفرنسية الإنجيلية والأثرية في القدس مبلغ 1.5 مليون يورو (1.78 مليون دولار) لاستمرار أعمال التنقيب وترميم الموقع والحفاظ على الآثار الموجودة بداخله.

من جانبه، ذكر مدير عام الآثار في وزارة السياحة والأثار الفلسطينية جمال أبو ريدة لـ"المونيتور" أن أعمال التنقيب في الموقع بحاجة إلى المزيد من الدعم والأموال للكشف عن ما تبقى من آثار بداخله، مشيراً إلى أن أجزاءً من الموقع لم يتم الكشف عنها بعد.

وأوضح أبو ريدة أن القبور تعد جزءاً بسيطاً من ما يتم اكتشافه في الموقع بين حين وآخر، مؤكداً أن جهود الوزارة مستمرة في الحفاظ عليه وعلى آثاره بشكل يضمن حفظ التاريخ الفلسطيني.

وشدد على أنهم يقومون بالتواصل مع العديد من المؤسسات الدولية وفي مقدمتها اليونيسكو من أجل تقديم الدعم المالي والفني، وكذلك الخبرات من أجل استمرار العمل في الدير، وإدراجه على قائمة التراث العالمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...