أحمد أبو عامر - المونيتور
مدينة غزة، قطاع غزة – نجح الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون في جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والوفدين المرافقين لهما في لقاء أجمع عليه غالبية الفلسطينيين بأنه "مجاملة سياسية" من قبل الطرفين للجزائر التي كانت تحتفل في الذكرى الستين لاستقلالها والذي صادف السادس من يوليو الجاري.
اللقاء الذي شهد مصافحةً بين عباس وهنية أمام الكاميرات
لأول مرة بين الزعيمين منذ أكتوبر 2016، لم يتبعه أي لقاء أو اجتماعات بين
الحركتين في الجزائر، والتي دعت في يناير الماضي، الفصائل الفلسطينية للتباحث في تحقيق
المصالحة الداخلية تمهيداً لمؤتمر يسبق انعقاد القمة العربية المقرر في نوفمبر
المقبل بالجزائر، إلا أن تلك الجهود لم تفضي إلى نتيجة في ظل استمرار الخلافات بين
الفصائل الفلسطينية.
المشهد البروتوكولي والمجاملة السياسية يبدو أنها جاءت
رغبة من كلا الطرفين في ألا يغضبا الجزائر، فالأخيرة تعد الدول العربية الوحيدة
التي استمرت في تقديم دعمها المالي للسلطة بـ 100 مليون دولار سنوياً رغم تراجع الدعم
العربي، في المقابل فإن حماس تسعى لكسب أي اعتراف سياسي رسمي عربي بعد تراجع
علاقاتها العربية في أعقاب فشل ثورات الربيع العربي.
عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الله عبد الله أكد في
حديث مع "المونيتور" أن ما جرى لم يعدو كونه لقاء بروتوكولي، معتبراً أن
الجهود الجزائرية لمحاولة إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي مقدرة ولا تزال مطروحة
على الطاولة.
وشدد عبد الله على أن حركته جاهزة للمضي قدماً في إنجاز
المصالحة، محملاً حركة حماس المسؤولية عن تعطيلها بسبب ما أسماه بارتهان قرارها
لبعض الدول الداعمة لها كإيران، بالإضافة إلى كونها تتبع في مرجعيتها لجماعة
الإخوان المسلمين.
القيادي الفتحاوي دعا الشعب الفلسطيني إلى عدم فقدان
الأمل في إنجاز المصالحة، على الرغم من الانتكاسات التي مرت بها في جولات سابقة،
وفشل الحركتين في التوصل لاتفاق ينهي الانقسام.
من جانبه، نفى الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم في حديث
مع "المونيتور" التطرق بين وفدي الحركتين لأي نقاش حول إنهاء الانقسام
خلال اللقاء الذي جمعهما بالرئيس تبون، أو أن تكون قد حدثت لقاءات أخرى بعيدة عن
وسائل الإعلام.
واتهم قاسم الرئيس عباس بتعطيل المصالحة الداخلية بالشروط التي يضعها لإتمامها، والمتمثلة في حصوله على موافقة من
حركة حماس بالاعتراف بالاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع إسرائيل والاعتراف
بالأخيرة، والموافقة على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وشدد على أن حركته تتعاطي باهتمام مع الجهود الجزائرية
في تحقيق المصالحة، معتبراً أن الحفاوة التي استقبل بها رئيس المكتب السياسي لحماس
واللقاءات التي عقدها مع شخصيات رسمية وشعبية تمثل قناعة من قبل الجزائر بثقل الحركة في النظام
السياسي الفلسطيني.
وبدا لافتاً تعاطي وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية
"وفا" مع اللقاء، والتي عدت في خبر نشرته على موقعها الإلكتروني في 5 يوليو الجاري، أن هنية أحد
أفراد الوفد الفلسطيني الذي وصل الجزائر لحضور احتفالات الاستقلال برئاسة الرئيس
عباس ولم يأت بصورة منفصلة لإظهار أن الوفد الفلسطيني في احتفالات استقلال الجزائر
هو وفد واحد برئاسة عباس.
أما حركة حماس فقالت في تصريح صادر عنها في 4 يوليو الجاري، إن هنية والوفد المرافق
له وصلوا الجزائر بدعوة رسمية من الرئيس تبون. وعقب
عضو الحركة في إقليم الخارج سامي أبو زهري على اللقاء بالقول:
"وفدي حركتي حماس وفتح برئاسة الأخ المجاهد إسماعيل هنية والرئيس محمود عباس؛
قد التقيا برعاية الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون".
لم تفلح أكثر من
6 اتفاقيات وعشرات اللقاءات بين الحركتين في إنهاء الانقسام الداخلي
والذي تفجر في يونيو 2007، في أعقاب الاقتتال الداخلي بين الحركتين بقطاع غزة،
والذي أسفر عن سيطرة حماس على قطاع غزة وطرد السلطة الفلسطينية منها.
رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل عماد بشتاوي
اعتبر في حديث مع "المونيتور" أن الخلاف الفلسطيني أعمق من أن تنهيه
مصافحات أمام الكاميرات ومجاملات سياسية قدمها قادة فلسطينيين للرئيس الجزائري.
وأوضح أن جميع الاتفاقيات التي جرت بين الحركتين منذ عام
2007، وفي العديد من الدول العربية والغربية لم تفلح في تحقيق المصالحة، منوهاً
إلى كلا الطرفين يستأثران بما لديهما من سيطرة ميدانية وسياسية؛ فحماس تريد أن
تبقى تحكم قطاع غزة، وفتح تريد أن تبقي بيدها الضفة الغربية.
واستبعد بشتاوي حدوث أي اختراق حقيقي في ملف المصالحة
بالمنظور القريب، لافتاً إلى أن الدعم المالي والسياسي من بعض الدول -التي رفضت
تسميتها- لكلا الطرفين يساهمان في تعزيز الانقسام.
أما المحلل السياسي المقرب من حماس ورئيس التحرير السابق
لصحيفة فلسطين المحلية مصطفى الصواف فرأى في حديث مع "المونيتور" أن
الطرفين أرادا أن يجاملا الرئيس الجزائري بالمصافحة أمام الكاميرات.
واعتقد أن المشكلة الأبرز تتمثل في شروط الرئيس عباس
للمصالحة والتي اعتبرها مرفوضة من حيث المبدأ بالنسبة لحركة حماس وأهمها الاعتراف
بإسرائيل والاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير معها.
الصواف اختتم حديثه بالقول: "طالما الرئيس عباس يصر
على شروطه للمصالحة فلا أفق في المنظور القريب لتحقيقها، ويبدو أن المصالحة لن
تتحقق إلا بعد وفاة الرئيس عباس واندثار مشروعه السياسي".
الشارع الفلسطيني الذي استقبل مصافحة عباس – هنية ببرود
شديد ممزوج ببعض السخرية، ملّ مثل هذه المصافحات واللقاءات، وهو ما عكسته بعض التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، والتي أجمعت على أن
الانقسام الداخلي أضر بالقضية الفلسطينية وأفقدها زخمها عربياً ودولياً.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.