أحمد أبو عامر - المونيتور
مدينة
غزة، قطاع غزة – قرابة الـ 700 عام هو عمر "الزاوية
الأحمدية" والتي تعد أقدم بناء ديني
مملوكي في قطاع غزة، خصص للخلوة والعبادة وإقامة الطقوس الصوفية،
وينسب اسم
الزاوية إلى واحد من أشهر علماء الصوفية الذين
عاشوا في غزة وهو "أحمد البدوي" الذي ولد في مصر عام 1199 ميلادي
وعند بلوغه سن الأربعين توجه إلى غزة ليقضي بها ما تبقى من عمره
ويدفن بها عام 1276 ميلادي.
وتعد الطائفة الأحمدية
واحدة من أشهر الطوائف
الصوفية التي انتشرت
في العديد من البلدان حول العالم، ولا يوجد رقم دقيق لعدد أنصار تلك الطائفة، إلا القائمين
على شؤون الطائفة يقدرون عددهم بـ 2320 شخص في الأراضي
الفلسطينية، 100 فقط في قطاع غزة.
تذكر العديد من المصادر التاريخية أن والي غزة
المملوكي "طرنطاي الجوكندار" قام وبالتعاون مع أتباع
البدوي ببناء الزاوية الأحمدية شرق مدينة غزة عام 1336 ميلادي، كتخليداً له وللاستمرار
في المعتقدات والطقوس الدينية التي كان يقوم بها مع أتباعه، والمتمثلة في حلقات
التأمل والدعوات والابتهالات التي تجري كل يوم خميس وفي المناسبات الدينية
للمسلمين بهدف تطهير أرواحهم من الخطايا.
الزاوية
التي بقيت على هيئتها التي بنيت عليها أول مرة، تعرضت للكثير من التصدعات
بسبب العوامل الطبيعية، وكان يتم ترميمها بصورة غير علمية أو مهنية، وهو ما جعلها
عرضة للتهاوي بسبب القيام
بعمليات ترميم من قبل أشخاص غير مختصين.
مركز
إيوان الثقافي التابع للجامعة الإسلامية في غزة أعلن
في مايو الماضي حصوله على منحة مالية من صندوق Barakat
Trust البريطاني للبدء بترميم الزاوية، وباشر فريق
من المختصين التابعين للمركز ببرنامج العمل في 19 يونيو الجاري.
مسئول
مشروع ترميم الزاوية المهندس محمود البلعاوي ذكر لـ"المونيتور" أن مبنى
الزاوية يعاني من أضرار خطيرة بسبب الرطوبة والتشققات الأمر الذي دفعهم للتواصل مع
العديد من المؤسسات والجهات المانحة لتوفير الدعم اللازم من أجل ترميم وإنقاذ
الزاوية من الاندثار لا سيما وأنها تعد آخر زاوية مملوكية في قطاع غزة.
وأوضح
أن مشروع ترميم الزاوية ينقسم إلى 3 مسارات، الأول تدريب 100 طالب من قسم العمارة
والتاريخ في الجامعة الإسلامية على أعمال ترميم المباني الأثرية ورسم خرائط
المكان، أما الثاني فسيقوم الطلاب الذين تم تدريبهم بعملية الترميم، والمسار
الثالث يتمثل في توثيق الزاوية وتاريخها وتقع تلك المهمة على قسم التاريخ الشفوي
بالجامعة الإسلامية.
وتوقع
البلعاوي أن يستمر مشروع الترميم 5 أشهر، مشيراً إلى غالبية المواد التي ستستخدم
في الترميم متوفرة في قطاع غزة ويتم جلبها من أماكن أثرية اندثرت كالحجارة الكبيرة
ونوع التربة التي كانت تستخدم في البناء.
الزاوية
التي تعكس في بنائها الهندسة الإسلامية في العهد المملوكي تتكون من قسمين رئيسيين،
الأول للصلاة وإقامة الطقوس الصوفية، والثاني للمعيشة والإقامة، وتتوسطها نافورة
مياه كبيرة يقع أسلفها قبو لتخزين الطعام، فيما رصت أرضيتها بالحجارة الصخرية
الكبيرة.
كما
يوجد بالقرب من الحائط الجنوبي للزاوية قبر رخامي، يعتقد أنه يعود للأميرة
المملوكية "قوتلو خاتون"، التي توفيت عام 1332 ميلادي.
مدير
عام وزارة السياحة والأثار في غزة جمال أبو ريدة أكد لـ"المونيتور" أن
الزاوية تعد من الأبنية القليلة المتبقية من العهد المملوكي، مشيراً إلى أن هناك
تنسيق بينهم وبين مركز إيوان ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة من
أجل مشروع ترميم الزاوية.
وأوضح
أبو ريدة أن قطاع غزة يضم 280 منشأة
أثرية ما بين زاوية وحمام عام ومنزل ومسجد
وكنيسة وغيرها، محذراً من أن العديد من تلك المنشآت مهددة
بالاندثار جراء ضعف التمويل الخارجي لصيانتها وترميمها.
وبين
أن جل التمويل يأتي للأماكن الأثرية المسيحية كموقع
القديس هيلاريون غرب المحافظة الوسطى
والذي ضخ له تمويل بأكثر من 2 مليون دولار على مدار عدة أعوام، ناهيك عن موقع الكنيسة
البيزنطية في جباليا شمال قطاع غزة والذي ضخ
للتنقيب بها وترميم أجزاء منها أكثر من نص مليون دولار.
تتوارث
عائلة أبو شهلا الفلسطينية على رعاية الزاوية الأحمدية، منذ أن كانت الدولة
العثمانية تحكم فلسطين، ويذكر السبعيني أحمد أبو شهلا لـ"المونيتور"
أنهم يمتلكون أوراقاً
عثمانية تخولهم بأن يقوموا على
رعاية الزاوية.
وأوضح
أبو شهلا أنهم يقومون كل يوم خميس بتنظيف الزاوية وتجهيز أركانها لجلسات قراءة
القرآن والتأمل التي يشارك فيها العشرات من أبناء الحي الذي يسكنه، وكذلك بعض من ينتمون
للطائفة
الصوفية.
أبو
شهلا أشار إلى أن الزاوية تعاني من تشققات كبيرة في الجدران والسقف جراء غياب
الرعاية الحكومية والترميم من قبل المؤسسات المختصة، مبدياً سعادته بالبدء بمشروع
الترميم الذي يقوم به مركز إيوان للتراث.
البدء
بترميم الزاوية الأحمدية
جاء بعد أقل من شهر على انتهاء مركز إيوان الثقافي من ترميم الحمام الوحيد المتبقي
في قطاع غزة وهو "حمام
السمرة" في مدينة غزة القديمة، والذي
يزيد عمره على الـ 800 عام.
تحظى الطرق الصوفية في الأراضي الفلسطينية بدعم من
الجهات الرسمية، ففي عام 1996، أسس المجلس الإسلامي الأعلى للصوفية بدعم ورعاية من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والذي
يضم ممثلين عن 16 طائفة صوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.