الاثنين، 9 مايو 2016


هل تصمت الفصائل الفلسطينيّة على تدمير الجيش الإسرائيليّ لأنفاقها الهجوميّة؟
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – "السلاح الاستراتيجي" اسم تطلقه الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة وتحديداً حركة حماس في قطاع غزّة على الأنفاق الهجوميّة، الّتي تقوم بحفرها تجاه المستوطنات والمواقع العسكريّة الإسرائيليّة المحيطة بقطاع غزّة في محاولة منها لاستهداف تلك المواقع في أيّ مواجهة عسكريّة مقبلة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن اكتشاف أحدث نفقين لحركة حماس جنوب قطاع غزة، عثر على الأول قرب مستوطنة "أشكول" شرق مدينة رفح بجنوب قطاع غزة في 18 نيسان/إبريل من عام 2016، وقد عبر النفق الّذي حفرته حركة "حماس" الحدود مع إسرائيل لمسافة 150 متراً، أما النفق الثاني فعثر عليه قرب معبر صوفا شرق المحافظة بتاريخ 5 مايو 2016، حيث توغلت عدة آليات إسرائيلية لمسافة 200 متر داخل حدود قطاع غزة وقامت بتدمير النفق.

الجيش الإسرائيلي، ومنذ عام 2004، عمل على البحث عن تلك الأنفاق ورصد لها أكثر من 250 مليون دولار، ووفق  التقارير الإسرائيلية فقد اكتشف ودمر الجيش الإسرائيلي 30 نفقاً خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014.

وهدّدت الفصائل الفلسطينيّة بأنّ استمرار الجيش الإسرائيليّ في كشف تلك الأنفاق وتدميرها يمكن أن يؤدّي إلى مواجهة عسكريّة جديدة في قطاع غزّة، فيما جاءت التصريحات الإسرائيليّة في الاتجاه المضادّ، وطالب العديد من الوزراء كوزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينت وقادة المعارضة كأفيغدور ليبرمان بالمبادرة بشنّ هجوم على غزّة وتدمير تلك الأنفاق قبل أن تستخدمها الفصائل الفلسطينيّة ضدّ الجيش الإسرائيليّ، وهو الأمر الّذي حذر منه خبراء عسكريون إسرائيليون كعاموس هرئيل، وتوقّعوا أن يشعل الهجوم على الأنفاق حرباً أقسى من حرب عام 2014.

فيما استهدفت عناصر مسلّحة فلسطينيّة في 4 أيّار/مايو من عام 2016، وللمرّة الأولى منذ انتهاء الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة في صيف 2014، آليّات عسكريّة إسرائيليّة عدّة تعمل على الكشف عن الأنفاق في جنوب قطاع غزّة وشرقه بقذائف الهاون والعبوات الناسفة، وهو ما دفع بالجيش الإسرائيليّ إلى الردّ على الفور في كلا الحادثتين السابقتين من قبل العناصر المسلحة في جنوب وشرق غزة واستهدف نقاط مراقبة فلسطينيّة بقذائف المدفعيّة، ورفع حال التأهّب على طول الحدود، وأعلن منطقة "نحال عوز" في شرق غزّة منطقة عسكريّة مغلقة، فيما أسفر القصف المدفعي المتبادل بين الجانبين والذي استمر لمدة 4 أيام إلى مقتل مزارعة فلسطينية بشظايا قذيفة إسرائيلية جنوب قطاع غزة، قبل أن يتوقف ذلك القصف بعد جهود مصرية للتهدئة بين الطرفين سحبت إسرائيل بموجبها آلياتها التي توغلت جنوب القطاع للبحث عن الأنفاق.

وفي هذا الإطار، أكّد الناطق باسم "كتائب المجاهدين" الفلسطينيّة والملقب بـ أبو أنس في حديث لـ"المونيتور" أنّ المقاومة الفلسطينيّة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الإعتداءات الإسرائيليّة، بما في ذلك تدمير الأنفاق الّتي تقوم بحفرها المقاومة، وتستخدمها للدفاع عن الشعب الفلسطينيّ.

وأشار إلى أنّ أيّ اعتداء إسرائيليّ سيقابل من قبل المقاومة بما يناسبه في الميدان، وقال: "كمقاومة نحن جاهزون لكلّ الخيارات. وإذا أراد الإحتلال الإسرائيليّ حرباً مفتوحة فسيتفاجأ بالكثير من المفاجآت العسكريّة الّتي أعددناها له".

وفي السياق ذاته، رأى أبو مجاهد (لقب) الناطق العسكريّ باسم لجان المقاومة الشعبيّة، وتستخدم أسلوب الأنفاق، أنّ "استمرار الجيش الإسرائيليّ في تدمير أنفاق المقاومة الفلسطينيّة سيشعل حرباً جديدة، فلا يمكن أن تصمت المقاومة على تدمير الجيش الإسرائيليّ لأحد أهمّ أسلحتها العسكريّة، والّتي تعمل منذ سنوات على تجهيزها، والمقاومة ستقوم بكلّ ما في وسعها لحماية منجزاتها العسكريّة كافّة".

ولفت في مقابلة مع "المونيتور" إلى أنّ تضخيم الجيش الإسرائيليّ الروايات حول أنفاق المقاومة يهدف إلى تحشيد رأي عام عالميّ لتبرير أيّ عدوان إسرائيليّ قادم، مشدّداً على أنّ المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات الإسرائيليّة، وستصدّ أيّ عدوان إسرائيليّ قادم.

وكانت كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام - الجناح العسكريّ لحركة "حماس" قد قالت في تصريح رسميّ في 18 نيسان/إبريل من عام 2016: "إنّ ما أعلنه الجيش الإسرائيليّ عن اكتشاف نفق للمقاومة، ليس إلاّ نقطة في بحر ما أعدّته المقاومة من أجل الدفاع عن شعبها وتحرير مقدّساتها وأرضها وأسراها".

إسرائيل الّتي ناورت في قضيّة نفق رفح المكتشف، فبعد أن أعلنت تفجيره في 20 نيسان/إبريل من عام 2016، جاءت الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعالون وقادة الجيش الإسرائيليّ في المنطقة الجنوبيّة بتاريخ 3 مايو 2016، للنفق المكتشف - شرق رفح لتفنّد تلك الروايات الإسرائيليّة، فيما عقد بنيامين نتنياهو وقادة الجيش بعد تلك الزيارة إجتماعاً عسكريّاً وأمنيّاً مغلقاً في مكان قريب (لم يتم تحديده) لتدارس الأوضاع الأمنية على حدود قطاع غزة بعد اكتشاف النفق ولطمأنة المستوطنين الذي يعيشون حالة من القلق بسبب تلك الأنفاق.

إنّ الأنفاق، والّتي تمثّل سلاحاً استراتيجيّاً للفصائل الفلسطينيّة، لجأت إليها للمرّة الأولى في نهاية أيلول/سبتمبر من عام 2001، عندما فجّر مقاتلون من حركة "حماس" موقع ترميد العسكريّ الإسرائيليّ على الحدود المصريّة مع قطاع غزّة، ووصلت ذروة استخدامها خلال حرب عام 2014، وقد لجأت المقاومة إلى تلك الوسيلة لسهولة تنقّل مقاتليها ووصولهم إلى مواقع الجيش الإسرائيليّ والتخفّي عن مراقبة الطائرات الإسرائيليّة لهم.

وأعلن الجيش الإسرائيليّ في أكثر من مناسبة أنّه يجري تدريبات مكثّفة لقتال عناصر فلسطينيّة مسلّحة في تلك الأنفاق في حال اندلاع مواجهة جديدة، وذلك بعد إقراره عقب الحرب الإسرائيليّة على غزّة في صيف 2014، أنّ العدد الأكبر من قتلى الجيش الإسرائيليّ سقط بفعل الأنفاق.

وفي هذا الإطار، رأى اللّواء الفلسطينيّ المتقاعد والخبير العسكريّ يوسف الشرقاوي في مقابلة مع "المونيتور" أنّ "حماس" ليست في صدد مهاجمة إسرائيل، وما تمتلكه من أسلحة هو لحماية سكّان قطاع غزّة"، مشيراً إلى أنّ ما يمنع شنّ عدوان إسرائيليّ جديد ضدّ غزّة، هو الأسلحة الّتي تمتلكها حماس من صواريخ وأنفاق وتهدّد بها الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، وتجعل إسرائيل تفكّر مليّاً قبل شنّ أيّ عدوان.

أضاف: "إنّ مستوطني غلاف غزّة من الإسرائيليين كانوا يفكّرون جديّاً بترك منازلهم، بعد الخوف الّذي كان ينتابهم من الأنفاق الّتي تحفرها حماس تجاه إسرائيل، وهو ما دفع بالجيش الإسرائيليّ إلى تكثيف عمليّات البحث عن تلك الأنفاق.

وأشار إلى أنّ إسرائيل في صدد بناء مانع لمنع وصول الأنفاق إلى أراضيها بتمويل أميركيّ.

وعزا موقع "المجد" المتخصّص في القضايا الأمنيّة والمقرّب من المقاومة الفلسطينيّة أسباب استهداف المقاومة الفلسطينيّة للآليّات العسكريّة الإسرائيليّة في جنوب غزّة وشرقها بـ4 أيّار/مايو من عام 2016، إلى رغبة المقاومة في وقف عمليّات البحث عن الأنفاق ووضع حدّ للتوغّلات العسكريّة الإسرائيليّة داخل قطاع غزّة.

واعتبر الموقع أنّ "عمليّات إطلاق النار الّتي صدرت عن المقاومة الفلسطينيّة تشكّل نقلة في معادلات المواجهة مع الجيش الإسرائيليّ، ولكنّها ما زالت في بداياتها، وهي على الأغلب لن تؤدّي إلى نشوب مواجهة عسكريّة مفتوحة، ولكن تبقى الترجيحات خاضعة لتطوّرات الميدان الّتي قد تفلت من سيطرة الطرفين في أيّ لحظة".

الأنفاق الهجومية التي تحفرها حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى والتي -لا يعرف عددها- هدفها الوصول إلى مواقع الجيش الإسرائيلي واستهدافها في أي مواجهة عسكرية مقبلة، حيث يستغرق حفر النفق أشهراً طويلة، ويبلغ تكلفة النفق الواحد منها –حسب التقديرات الإسرائيلية- أكثر من مليون دولار، بتمويل من إيران.

ويبقى التخوّف الأبرز لدى المقاومة الفلسطينيّة والشارع الفلسطينيّ أن تنجح إسرائيل في كشف المزيد من الأنفاق، وهو ما يرجّح أن تبادر المقاومة بشنّ هجمات كبيرة على مواقع الجيش الإسرائيليّ لحماية أنفاقها الّتي استهلكت في إنشائها مقدّرات كبيرة ماليّة وبشريّة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...