الثلاثاء، 21 يونيو 2016


الفلسطينيّون للرئيس عبّاس: "كشّ ملك"
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة: مفاجأة مدوّية وغير متوقّعة أحدثها استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة ومقرّه مدينة رام الله في وسط الضفّة الغربيّة بين 2 و4 حزيران/يونيو 2016، والذي أظهر مطالبة ثلثي الفلسطينيّين (65%) في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة الرئيس محمود عبّاس بالاستقالة.

وبلغت نسبة المطالبين للرئيس عبّاس بالاستقالة في الضفّة الغربيّة 64%، وفي قطاع غزّة 67%، فيما أراد 31%، منه البقاء في منصبه، وهي نسبة أيضاً أظهرت أنّ الرئيس عبّاس سيأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 20% في حال جرت انتخابات رئاسيّة بعد نائب رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس اسماعيل هنيّة الذي سيحصل على 35%، فيما سيتغلّب على الإثنين القياديّ في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي لو ترشّح إلى جانبهم في الانتخابات، وسيحصل على نسبة 40%.

وأكّد مسؤول وحدة البحوث المسحيّة في المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة وليد لدادوة، لـ"المونيتور" أنّهم يتّبعون أحدث المنهجيّات العلميّة الدقيقة في إجراء تلك الاستطلاعات، مشيراً إلى أنّ نسبة الخطأ في الاستطلاعات التي يجريها المركز لا تتعدّى الـ3%.

وبيّن أنّهم يختارون عيّنات الاستطلاع بالتعاون مع الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ، حيث يتمّ اختيار 1270 شخص من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة وفق خارطة تقسّم الأراضي الفلسطينيّة إلى 127 منطقة، ويتمّ تعبئة 10 استمارات في كلّ منطقة، ويقوم بذلك العمل فريق من الباحثين والمنسّقين ذوي الكفاءة، وتكون تعبئة الاستمارات وجهاً لوجه بين المواطن والباحثين.

وشدّد على أنّ البيانات والمعلومات التي يحصلون عليها يقومون بتدقيقها ومراجعتها أكثر من مرّة قبل نشرها، واصفاً تجاوب المواطنين معهم بالكبير مما ساهم في مصداقية النتائج، حيث يعطون آراءهم بكلّ حريّة ومصداقيّة، مرجعاً السبب في ذلك إلى الحريّات والوضع الديمقراطيّ المتقدّم في الأراضي الفلسطينيّة، على عكس العديد من الدول العربيّة التي يخفي فيها المواطن رأيه الحقيقيّ خوفاً من السلطات.

ولفت لدادوة إلى أنّهم يقومون بإيصال استطلاعات الرأي تلك إلى كلّ شرائح المجتمع في الأراضي الفلسطينيّة، سواء عبر وسائل الإعلام أم عبر ورش عمل يعقدها المركز لمناقشة تلك الاستطلاعات، منوّهاً بأنّ الاهتمام من قبل السلطات الحاكمة ليس بالمستوى المطلوب حول نتائج تلك الاستطلاعات.

أسباب مطالبة الرئيس عبّاس بالاستقالة لها ما يبرّرها في الشارع الفلسطينيّ. فالصحافيّ الفلسطينيّ أحمد لبد (24 عاماً) من مدينة غزّة قال لـ"المونيتور": "وجود الرئيس عبّاس في السلطة طوال كلّ هذه السنوات (11 سنة) يعدّ اغتصاباً لكرسي الرئاسة، ففترة ولايته انتهت منذ كانون الثاني/يناير 2009، هذا إضافة إلى أنّ طوال فترة رئاسته، لم يقدّم لنا كفلسطينيّين شيئاً يمكن أن نذكره له".

أمّا المواطنة ع.ر من سكّان مدينة رام الله، والتي فضّلت ذكر الحرف الأوّل من اسمها لـ"المونيتور" خوفاً من المضايقات التي يمكن أن تواجهها بسبب رأيها في الرئيس عبّاس، فقالت "استقالة الرئيس أصبحت من الضروريّات للقضيّة الفلسطينيّة، فقد انتشر في الضفّة الغربيّة خلال ولايته الفلتان الأمنيّ، وتخلّى عن غزّة بعدما سيطرت عليها حماس في عام 2007".

أمّا الطالب الجامعيّ خالد شتات (21 عاماً)، فأيّد في حديث إلى "المونيتور"، بقاء الرئيس عبّاس في منصبه في ظلّ تعذّر إجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة في الأراضي الفلسطينيّة بسبب الانقسام الداخليّ الذي دخل عامه العاشر.

وتصاعدت وتيرة الحديث عن شرعيّة الرئيس عبّاس بعد انتهاء ولايته في عام 2009، فيما أكّد الرجل أكثر من مرّة أنّه لن يترشّح إلى ولاية ثانية في حال جرت انتخابات رئاسيّة في الأراضي الفلسطينيّة، وأنّه مقتنع أنّ هناك حراكاً إقليميّاً ودوليّاً للبحث عن خليفة له وفق تصريحات لقيادات في حركة فتح نشرت بتاريخ 11 يونيو 2016.

وفي السياق ذاته، أرجع أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأزهر في غزّة مخيمر أبو سعدة أسباب مطالبة ثلثي الفلسطينيّين الرئيس عبّاس بالاستقالة إلى انتهاء ولايته كرئيس، والمحدّدة في القانون الأساسيّ 4 سنوات وفق المادّة 36، فقد انتخب الرئيس في 10 كانون الثاني/يناير 2005، وانتهت ولايته في 10 كانون الثاني/يناير 2009، ممّا يعني أنّه مضى 7 سنوات ونصف على انتهاء ولايته، إضافة إلى تقدّمه في السنّ (82 عاماً).

وشدّد في حديث إلى "المونيتور"، على أنّ برنامج الرئيس عبّاس الانتخابي القائم على استمرار المفاوضات مع إسرائيل، على الرغم من وصولها إلى طريق مسدود ساهم في شكل كبير في المطالبة باستقالته، ناهيك عن معاناة الشعب الفلسطينيّ في الضفّة وغزّة بسبب الانقسام، والتي ترى شريحة من الشارع الفلسطينيّ أنّ الرئيس عبّاس يتحمّل جزءاً من المسؤوليّة عن استمرارها لرفضه التصالح مع حركة حماس.

واعتبر أنّ النسبة مفاجئة كون الاستطلاعات السابقة كانت تتحدّث عن تدنّي نسبة المؤيّدين له في حال ترشّح إلى أيّ انتخابات رئاسيّة مقبلة، ولكن لم تكن تتحدث عن مطالبة الغالبية له بالاستقالة. قال أبو سعدة "تجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة صادرة عن مركز دراسات يعمل في هذا المجال منذ 16 عاماً وله مصداقيّة بين الفلسطينيّين، مشيراً إلى أنّ الأمر يبقى متروكاً إلى الشعب الفلسطينيّ ليقرّر من هو رئيسه المقبل."

من جانبه، اعتبر المحلّل السياسيّ ورئيس تحرير صحيفة فلسطين سابقاً مصطفى الصوّاف أنّ نسبة من يطالبون الرئيس عبّاس بالاستقالة ليست مفاجئة بالنسبة إليه، بل هي طبيعيّة بسبب سياساته التي أضرّت بالشعب والقضيّة الفلسطينيّين، والإخفاقات التي مني بها مشروعه السياسيّ.

ورأى في حديثه إلى "المونيتور"، أنّ استطلاعات الرأي التي تجري في الأراضي الفلسطينيّة لا يؤخذ بنتائجها من قبل السلطات الحاكمة، وذلك لطبيعة العقليّة التي تحكم، وهي العقليّة الفرديّة التي لا تؤمن بالجمهور ولا برأيه، ويبقى أيّ استطلاع للرأي مجرّد خبر إعلاميّ.

وبيّن الصوّاف أنّ الاستطلاع جاء في ظلّ البحث عن بديل للرئيس عبّاس، والذي يجري على أكثر من مستوى عربيّ وإقليميّ ودوليّ (مصر، الامارات، الأردن، إسرائيل، أمريكا)، لأنّ تلك المستويات ترى أنّ الرئيس عبّاس استنفذ كلّ المطلوب منه (محاربة الفصائل الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل، ورفع مستوى التنسيق الأمني مع إسرائيل وغيرها)، ولا بدّ من وجود شخصيّة تقدّم المزيد من التنازلات على حساب القضيّة الفلسطينيّة لصالح إسرائيل.

وأيّاً تكن النسبة التي تطالب الرئيس عبّاس بالاستقالة، تبقى قضيّة اختيار خليفة له رهن التوافقات الإقليميّة والدوليّة أكثر من قضيّة اختيار رئيس فلسطينيّ عبر صناديق الانتخابات، والتي قد تأتي برئيس لا ترغبه تلك الدول وفي مقدمتها إسرائيل، كما حدث في الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة في عام 2006، والتي أفرزت عن فوز حركة حماس والتي لم تلقّ قبولاً دولياً، فالرئيس عباس من وجهة نظر تلك الدول وتحديداً إسرائيل ومصر والامارات أصبح طاعناً في السن وغير قادر على الإمساك بمقاليد الحكم، وبالتالي الخوف من استغلال حماس لذلك وأن تعمل (حماس) لتصل بمرشح للرئاسة.



الخميس، 16 يونيو 2016


الدراما الفلسطينية حاضرة في السوق الدرامي العربي برمضان
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – "كفر اللوز"، "الفدائي 2"، "بس يا زلمة"، و"وطن على وتر" أربعة أعمال دراميّة فلسطينيّة في الضفة الغربية وقطاع غزة تجد رواجاً كبيراً في شهر رمضان الجاري بين المشاهدين الفلسطينيّين، وتنوّعت بين الدراما الساخرة والإجتماعيّة والتراجيديّة، والظروف والإمكانات الصعبة الّتي تمّت صناعة تلك الأعمال فيها.

وشكّلت تلك الأعمال رافداً جديداً للدراما الفلسطينيّة، الّتي تنافس أكثر من 80 عملاً دراميّاً عربيّاً خلال شهر رمضان الجاري. ورغم بساطة إنتاج الأعمال الفلسطينيّة، إلاّ أنّ متابعتها كبيرة، وهذا ما أظهرته أعداد مشاهدات تلك الأعمال عبر الإنترنت والتي وصل بعضها قرابة الـ 200 ألف مشاهد خلال أيام فقط، وشراء فضائيّات عربيّة ثلاثة من تلك الأعمال.

واعتبر هشام عدنان، وهو أحد أبطال المسلسل الكوميديّ الساخر "بس يا زلمة" الّذي يعرض على قناة "رؤيا" الأردنيّة التي اشترت المسلسل لهذا الموسم، أنّ الهدف من المسلسل هو مناقشة قضايا ومشاكل إجتماعية بقالب كوميديّ ساخر، ومن دون تقديم حلّ لتلك المشاكل، لمساعدة المجتمع في التخلّص من الظواهر السلبيّة، وقال لـ"المونيتور": إنّ النجاحات الكبيرة الّتي حقّقها المسلسل خلال المواسم الثلاثة الماضية وأظهرتها أعداد مشاهداته عبر الإنترنت، دفعتنا إلى مواصلة العمل لموسم آخر، حيث يتكوّن فريق العمل من 5 أشخاص فقط (بطلان ومخرج ومصور وممنتج)حيث انتج أول موسم عام 2013.

وبيّن أنّ التحدّي الأكبر أمام عملهم وأعمال دراميّة فلسطينيّة أخرى يتمثّل في ضعف الإمكانات وغياب التمويل والدعم الماديّ، فيضطرّون (الممثلون والمخرج) إلى تمويله من أموالهم الخاصّة، على أمل أن يتمّ ترويج تلك الأعمال وبيعها خلال شهر رمضان.
ويغلب على مسلسل "بس يا زلمة" طابع البساطة واللّغة العاميّة، وهو ما أدّى إلى نجاحه، ناهيك عن قصر الحلقة الواحدة، إذ تتراوح بين 10-13 دقيقة فقط.

وتتوافق مسلسلات "كفر اللوز" الّذي يبث عبر تلفزيون فلسطين و"وطن على وتر" الّذي يعرض في أحد فنادق العاصمة الأردنيّة – عمّان يومياً وطوال شهر رمضان لتحقيق عائدي مادي بعد عدم شرائه من قبل فضائيات فلسطينية لطبيعة أسلوبه الساخر والحاد في انتقاد المسئولين في المجتمع، مع مسلسل "بس يا زلمة" في طبيعة القالب الساخر والكوميديّ في الأعمال، فيما يغلب الطابع التراجيديّ على مسلسل "الفدائي 2" الّذي يبثّ على قناة الأقصى الفضائيّة التابعة لحركة "حماس".

وفي ذات السياق، قال مخرج مسلسل "الفدائي 2" محمّد خليفة لـ"المونيتور": "تتمحور فكرة المسلسل حول معاناة الأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيليّة ومعاناة الفلسطينيّين من جرّاء إعتداءات المستوطنين في الضفّة والحروب الإسرائيليّة على غزّة".

كما تحدّث عن النجاح الّذي حقّقه الجزء الأوّل من المسلسل، والّذي عرض في شهر رمضان الماضي.

وأشار محمّد خليفة إلى أنّهم (القائمون على العمل) أردوا من خلال العمل تقديم شيء مختلف عن الدراما العربيّة، الّتي كانت في بعض السنوات تتناول البيئة الفلسطينيّة، وفق وجهة نظر الجهات القائمة على تلك الأعمال (السورية أو المصرية) وليس وفق وجهة نظر الفلسطينيين. وأضاف "الهدف من المسلسل أيضاَ ترسيخ مفهوم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والّتي يكفلها القانون الدوليّ لنا كشعب فلسطينيّ محتلّ من خلال أحداث ذلك المسلسل".

ورفض الحديث عن تكاليف إنتاج ذلك العمل، الّذي شارك فيه قرابة الـ300 شخص، ووصل عدد حلقاته إلى 30 حلقة، اذ أن ذلك أمر خاص.

ومن جهته، رأى بطل مسلسل "الفدائي 2" وليد أبو جياب في حديث مع "المونيتور" أنّ تغليب الجانب الإجتماعيّ والعاطفيّ والوطنيّ على العمل ساهم بشكل كبير في إخراجه بشكل شيّق وممتع، رغم تمحور فكرة المسلسل حول معاناة الفلسطينيّ سواء أكان في السجون الإسرائيليّة أم بسبب اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيليّ.

وأبدى وليد أبو جياب رضاه عن المسلسل، رغم بساطة الإمكانات الّتي أنتجت به، مشيراً إلى أنّهم رغم ذلك استطاعوا الوصول إلى جمهور فلسطينيّ وعربيّ واسع لمتابعة ذلك العمل.

وبدوره، اعتبر المخرج الفلسطينيّ والناقد الفنيّ حازم أبو حميد في حديث مع "المونيتور"، أنّ الدراما الفلسطينيّة تحاول أن تضع اسماً لها على الخارطة الدراميّة العربيّة، فهي ما زالت في بداياتها رغم محاولات تطوير مستوى القصّة والصورة والإنتاج.

ورأى أنّ المشاهد الفلسطينيّ مخيّر في مشاهدة تلك الأعمال، في ظلّ وجود عشرات الأعمال الدراميّة العربيّة، والّتي يستهوي بعضها المشاهد الفلسطينيّ أكثر من الأعمال الدراميّة الفلسطينيّة، مشيراً إلى أنّ الدراما الفلسطينيّة تحتاج إلى مزيد من الأعمال الدرامية لتصل إلى درجة الرضى المطلوبة عند المشاهد.

ولفت إلى أنّ التحدّي الّذي يقف أمام الدراما الفلسطينيّة يتمثّل في تطوّر القصّة والسيناريو والكفاءات الّتي تعمل أكثر من الإمكانات والمعدّات، مضيفاً: "فالكثير من العاملين في تلك المهنة (التمثيل) يذهبون إليها كمصدر رزق لهم، وليس هواية في ظلّ انتشار الفقر والبطالة، وهو ما انعكس على جودة العمل المنتج، هذا إضافة إلى المبالغ الزهيدة الّتي يتقاضاها العاملون في تلك الأعمال، حيث يتقاضى الكومبارس أجراً على يوم عمل كامل قرابة الـ10 دولارات فقط".

ورغم النجاحات المتعددة التي حققتها بعض تلك الأعمال، تبقى الدراما الفلسطينية بحاجة إلى المزيد من التطور في جوانب عديدة منها كتابة السيناريو وأداء الممثلين الذين يقومون بتلك الأدوار من واقع الخبرة القليلة التي اكتسبوها خلال السنوات الماضية وليس بطريقة علمية، حيث تفتقد الأراضي الفلسطينية لمعاهد تدرس المسرح والتمثيل.



الجمعة، 10 يونيو 2016


أسواق غزّة تستقبل رمضان بزينة مغرية وحركة شرائيّة خجولة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة - فوانيس وأضواء تسحر العيون وموادّ غذائيّة من الأشكال والأصناف كافّة... بهذه المكوّنات تزيّنت أسواق غزّة في أول أيام شهر رمضان. زينة مغرية تختلف عن العامين السابقين اللذين تلا الحرب الإسرائيليّة على غزّة في عام 2014، فالتوقّعات عند التجّار والباعة تتّجه إلى أنّ الموسم الحاليّ سيشهد تحسّناً ولو طفيفاً على الحركة الشرائيّة.

وقد شهدت البضائع التي دخلت إلى قطاع غزّة عبر معبر "كرم أبو سالم"، وهو المعبر التجاريّ الوحيد لسكّان القطاع زيادة طفيفة في الكميّات بعد التسهيلات التي صادق عليها وزير وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وخصوصاً تلك التي تتعلّق بحاجات السوق في شهر رمضان كالسلع الغذائية من تمور وأجبان وغيرها، وزيادة ساعات العمل على المعابر التجارية والخاصة بمرور الأفراد.

أكّد محمّد البلعاوي، وهو أحد شركاء شركة البلعاوي للتمور في وسط مدينة غزّة، لـ"المونيتور" أنّ كميّات التمور التي دخلت إلى قطاع غزّة عبر معبر "كرم أبو سالم" في جنوب قطاع غزّة تغطّي حاجات أسواق غزّة التي تستهلك أكثر من 800 طنّ من التمور خلال شهر رمضان.

وأوضح البلعاوي أنّ أصنافاً متعدّدة وذات جودة عالية من التمور دخلت إلى غزّة هذا العام بكميّات أكبر من الأعوام السابقة التي أعقبت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتحديداً التمر من نوع "مجهول"، فإسرائيل تتحكّم في أنواع التمور التي يتمّ توريدها إلى قطاع غزّة وكميّاتها، وذلك وفقاً لاتّفاقيّة باريس الاقتصاديّة التي تنصّ على أنّ استيراد السلع الاستهلاكيّة يكون وفق تقديرات الجانبين الفلسطينيّ والإسرائيليّ.

وأظهر تقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة غزة منتصف أبريل 2016، أن الربع الأول من عام 2016، شهد ارتفاعاً في عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة، حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة 33006 شاحنة مقارنة مع 16978 شاحنة واردة في نفس الفترة من عام 2015, و11303 شاحنة في نفس الفترة من عام 2014، من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى قطاع غزة.

وبيّن البلعاوي أنّ أسعار التمور المتوافرة حاليّاً في السوق تتراوح بين 9 و27 شيقلاً (2.3 و7 دولارات) للكيلو الواحد، إلّا أنّ الحركة الشرائيّة حتّى اللحظة خجولة وعلى غير التوقّعات بسبب الأوضاع المالية الصعبة للمواطنين وعدم تلقي موظفي حكومة غزة السابقة لرواتبهم حتى اليوم، مبدياً تخوّفه وتخوّف التجّار من تكبّد خسائر كبيرة، كما الأعوام السابقة التي أعقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، إن بقيت الحركة الشرائيّة على هذا المستوى.

وفي السياق ذاته، توقّع صاحب محلّات "بلال للألعاب" أحد المعارض الكبيرة لبيع ألعاب شهر رمضان وزينته في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى لقطاع غزّة التاجر علي أبو صخر، أن تشهد الأسواق تحسّناً طفيفاً خلال الأيّام المقبلة لا سيّما مع تلقّي الموظّفين العموميّين رواتبهم، حيث تمثل تلك الرواتب المصدر الرئيس في نشاط الحركة التجارية بالأسواق كون تلك الطبقة (الموظفين) هي من تملك السيولة المالية في ظل انتشار البطالة بقطاع غزة.

وقال أبو صخر لـ"المونيتور": "جلبت كميّات كبيرة من فوانيس رمضان وزينته، التي يقبل عليها أهالي قطاع غزّة في الأيّام الأولى من شهر رمضان، ولكن حتّى اللحظة لم أتمكّن من بيع سوى 30% من الكميّات التي لديّ".

وأضاف: "الكثيرون يأتون للمشاهدة وقليل منهم من يقوم بالشراء، على الرغم من أنّ أسعار تلك الفوانيس تترواح بين 5 و10 شواقل (1.3 و2.6 دولارات)، وهي الأسعار المناسبة للمواطنين بسبب أوضاعهم الماديّة الصعبة".

من جانبه، أوضح مدير دائرة الإعلام والناطق الإعلاميّ في وزارة الاقتصاد في غزّة عبد الفتّاح أبو محسن أنّ كميّات السلع الاستهلاكيّة التي دخلت إلى قطاع غزّة بداية شهر يونيو 2016، عبر معبر "كرم أبو سالم" تكفي حاجات المستهلكين خلال شهر رمضان، مستدركاً بالقول: "ما يهمّنا كفلسطينيين هو التنوّع في تلك السلع التي تدخل إلى غزّة، فما تزال إسرائيل تفرض حظراً على أنواع مختلفة من السلع منها الغذائيّة، إضافة إلى تلك التي نحتاج إليها في قطاع الزراعة، كالأسمدة والمواد الكيميائيّة التي تستخدم للمزروعات".

وعزا أبو محسن في حديث إلى "المونيتور" الحركة الشرائيّة الضعيفة في الأسواق إلى نسبة البطالة التي يعاني منها قطاع غزّة، والتي قاربت الـ43%، إضافة إلى تلقّي موظّفي حكومة غزّة السابقة 45% من رواتبهم فقط منذ أعوام.

وطالب الناطق باسم الوزارة إسرائيل بإعادة فتح المعابر مع قطاع غزّة كافّة (التجارية والخاصة بعبور الأفراد)، لأنّ ذلك يساهم في تحسّن الوضع الاقتصاديّ في غزّة، ويفسح المجال في شكل أكبر أمام الأيدي العاملة، ممّا ينعكس إيجاباً على الحركة الشرائيّة في المواسم كافّة.

وأغلقت إسرائيل المعابر التجاريّة كافّة مع قطاع غزّة منذ عام 2007، والبالغ عددها 6 معابر، عقب سيطرة حماس على قطاع غزّة، وأبقت فقط على معبر "كرم أبو سالم" في جنوب قطاع غزّة كمعبر تجاريّ، ممّا شدّد الخناق على أهالي القطاع، وساهم في شكل كبير في تدمير الاقتصاد الفلسطينيّ.

رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزّة معين رجب أنّ استيراد التجّار البضائع بكميّات كبيرة قبل شهر رمضان هو أمر بديهيّ، وذلك أملاً منهم في أن يستطيعوا بيعها إلى المستهلكين الذين يقبلون على شراء الموادّ الاستهلاكيّة في شكل مضاعف في شهر رمضان، مقارنة بالأشهر الأخرى من السنة.

وبيّن لـ"المونيتور" أنّ المعضلة الأكبر تبقى في السيولة الماديّة في أيدي المستهلكين، والتي هي شحيحة بسبب الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي يعاني منها قطاع غزّة، بفعل الحصار والحروب المتلاحقة والقروض والديون المتراكمة على كاهل المواطنين.

وشدّد على أنّ الحكم على الحركة الشرائيّة في حاجة إلى بعض الوقت، وإن كانت المؤشّرات الأوّليّة تدلّ على أنّها ضعيفة. فإسرائيل لا تزال تفرض قيوداً على دخول السلع إلى قطاع غزّة، متوقّعاً أن تشهد الحركة الشرائيّة تحسّناً في الأسواق، في حال قدّمت إسرائيل تسهيلات جدّيّة على الموادّ الاستهلاكيّة التي تدخل إلى غزّة.

عبّر المواطنون من جانبهم في أحاديث منفصلة لـ"المونيتور" عن رضاهم عن السلع المعروضة في الأسواق، إلّا أنّهم يضطرّون إلى شراء القليل منها بسبب شحّ الأموال التي بين أيديهم.

وقالت ربّة البيت سهاد رجب (42 عاماً)، والتي التقاها "المونيتور" في سوق النصيرات المركزيّ في وسط قطاع غزّة أثناء شراء فوانيس رمضان لصغارها: "البضائع المعروضة كثيرة ومغرية لكي يقتني منها الإنسان، والأسعار في متناول الجميع"، موضحة أنّها تواظب كلّ عام على شراء فوانيس رمضان للأطفال كونها تزرع البهجة والفرح في نفوسهم.

أمّا الموظّف في حكومة غزّة السابقة وسيم يوسف (30 عاماً)، فقال لـ"المونيتور": "لم أشتر حاجات رمضان حتّى اللحظة، فلا أعلم متى سأتقاضى السلفة الماليّة من قبل الحكومة، والتي لا تتجاوز الـ45% من راتبي الأساسيّ"، مضيفاً: "رمضان هذا بالنسبة إليّ وإلى أطفالي الثلاثة كما العامين السابقين، يمرّ علينا بتقشّف وبالقليل من الحاجات".

تشكّل الأيّام المقبلة اختباراً حقيقيّاً للتجّار والباعة الذي جلبوا بضائع كبيرة هذا الموسم، أملاً منهم في بيعها خلال شهر رمضان، بعد التوقّعات التي تكوّنت لديهم بأنّ الحركة الشرائيّة ستكون أفضل من الأعوام الماضية.



الأربعاء، 8 يونيو 2016


"الأنشطة الصيفية" ساحة تنافس محموم لاستقطاب الجيل الصغير في غزة
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة، قطاع غزّة – أسابيع قليلة تفصلنا عن انطلاق الأنشطة الترفيهيّة التي تشهدها غزّة في صيف كلّ عام، فتدخل المؤسّسات والتنظيمات صراعاً محموماً لاستقطاب الجيل الصغير (طلبة الابتدائية والإعدادية والثانوية) في شكل أساسيّ ليشارك في الأنشطة التي تعقدها تلك المؤسّسات والتنظيمات، فكلّ منها يضع أهدافاً تختلف عن الأخرى لتلك الأنشطة التي تمتدّ لأسابيع عدّة.

وتستقطب الأنشطة التي تعقدها وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين في الشرق الأدنى "الأونروا"، إضافة إلى أنشطة حركتي حماس والجهاد الإسلاميّ، العدد الأكبر من الجيل الفلسطينيّ الصغير في غزّة، حيث فتح باب التسجيل للالتحاق بتلك الأنشطة الصيفيةّ من بداية أيّار/مايو 2016.

أكّد مدير برنامج ألعاب الصيف في "الأونروا" يوسف موسى لـ"المونيتور" أنّ الإجراءات والاستعدادات قائمة لإطلاق أسابيع المرح الصيفيّة التي تنظّمها "الأونروا" كلّ عام، والتي من المقرّر أن تنطلق هذا العام في 23 تمّوز/يوليو 2016، فقد شارك في التسجيل للالتحاق بها أكثر من 170 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل العمريّة، وينتهي التسجيل قبل انطلاق أسابيع المرح بأسبوع.

وتوقّع موسى أن يشارك في تلك الأنشطة قرابة الـ120 ألفاً من أصل 170 ألفاً سجّلوا للالتحاق بها، مشيراً إلى أنّهم أدخلوا أنشطة غير تقليديّة (التقليدية تتمثل في لعب الكرة والسباحة والجمباز والمسابقات الثقافية) هذا العام، والتي تمثّلت في تخصيص برنامج ترفيهيّ لكلّ محافظة من محافظات قطاع غزّة الخمس.

فمحافظة رفح جنوب قطاع غزة ستنفذ "الأونروا" فيها برنامجًا ترفيهيًا يشمل المسابقات الثقافية والدروس التعليمية التي يغلب على لغة المخاطبة فيها اللغة الإنجليزية، وبرنامجًا لإحياء التراث الفلسطيني حيث سيرتدي فيه المشاركون الزي التقليدي ويرقصون الدبكة الفلسطينية سينفذ بمدينة خانيونس، وستهتم (الأونروا) بالأنشطة المتعلقة بالديمقراطية وتعلم ثقافة تقبل الآخر في المحافظة الوسطى، أما مدينة غزة فستركز النشاط على مهارات استخدام الموارد الطبيعية كالبلاستيك والكرتون وإعادة تدويرها، وسيكون من نصيب شمال القطاع برامج الدعم النفسيّ كونه المنطقة الأكثر تدميراً خلال الحرب الإسرائيليّة على غزّة في عام 2014، كلّ ذلك إلى جانب الأنشطة التقليديّة ككرة القدم والقفز عن الحواجز والوثب الطويل والرسم وغيرها.

وتوقّع أن تخلق تلك الأنشطة 2200 فرصة عمل مؤقتة للعاطلين عن العمل في غزّة كمنشطين تربويين وإداريين في تلك الأنشطة، مؤكّداً أنّ أهداف تلك الأنشطة هي تعويض الطلّاب عن الجانب اللامنهجيّ الذي حرموا منه خلال العام الدراسيّ، حيث يتعذّر القيام بتلك الأنشطة الترفيهيّة خلال العام الدراسيّ لقلّة عدد المدارس لشح التمويل المطلوبة لبناء مدارس جديدة وضيق الوقت بسبب وجود فترتين دراسيّتين في اليوم (صباحيّة ومسائيّة) في مدارس الأونروا ما يعني أن المدارس تكون مشغولة في فترة النهار ولا مجال للقيام بحصص لا منهجية.

وبيّن أنّ المشاركين سيمارسون تلك الأنشطة بكلّ حريّة وفي مكان تشرف عليه وكالة "الأونروا"، فقد خصّصت عشرات الأماكن في قطاع غزّة لتنفيذ تلك الأنشطة (108 مدارس، 9 مراكز أهليّة للمعاقين، 3 أندية رياضيّة).

أمّا مسؤول الوحدة الإعلاميّة في جهاز العمل الجماهيريّ، وهو الجهة المسؤولة عن تنظيم تلك الأنشطة في حركة حماس محمّد الجمل، فيقول: "فتحنا باب التسجيل في المساجد أمام من يريد المشاركة في تلك الأنشطة، والتي من المقرّر أن تنطلق في 10 تمّوز/يوليو تحت عنوان "انتفاضة القدس"".

وأوضح الجمل لـ"المونيتور" أنّ هدف تلك الأنشطة التي تعقدها حركته في صيف كلّ عام هو احتواء الجيل الصاعد وتعريفه بقضيّته، متوقّعاً أن يتراوح عدد المشاركين في تلك الأنشطة بين 50 و80 ألف مشارك من مختلف الفئات العمريّة، كما العام السابق.

وبيّن أنّ البرامج التي تقدّم للمشاركين متنوّعة تتمثّل في النشاط الكشفيّ والبحريّ والدورات الإعلاميّة والإداريّة، وبعض الدورات العسكريّة المبتدئة، مشيراً إلى أنّ مدّة النشاط اليوميّ تصل إلى 6 ساعات، حيث ستستمرّ تلك الأنشطة حتّى 10 آب/أغسطس 2016.

من جانبه، اعتبر القياديّ في حركة الجهاد الإسلاميّ ومسؤول ملفّ الأنشطة الصيفيّة أحمد المدلّل، أنّ الأنشطة التي تستعدّ حركته إلى إطلاقها ضروريّة من أجل إعادة صقل الجيل الصغير والشابّ صقلاً أخلاقيّاً وسلوكيّاً وثوريّاً ليحمل في المستقبل همّ قضيّته، إضافة إلى إخراج ذلك الجيل من هموم الحياة اليوميّة ببعض الأنشطة الترفيهيّة والمسلّية وتحديداً السباحة ولعب كرة القدم.

وتوقّع المدلّل في حديث إلى "المونيتور" ألّا يقلّ عدد المشاركين في تلك الأنشطة التي ستقيمها حركته عن الـ10 آلاف مشارك، موضحاً أنّه لا يوجد في برامجهم للأنشطة الصيفيّة أيّ نشاط تنظيميّ، فالمشاركون في تلك الأنشطة يكون هدف مشاركتهم الترفيه واللعب، وليس أخذ البرامج التنظيميّة.

من جانبه، نفى مدير عام وزارة الشباب والرياضة محمود بارود لـ"المونيتور" أن تكون لوزارته أيّ مشاركة في تلك المخيّمات والبرامج التي تقدّم فيها أو رقابة عليها، مشيراً إلى أنّ وزارته توقّفت عن تنظيم أنشطة صيفيّة منذ سنوات عدّة، بسبب شحّ الدعم الماليّ للوزارة، والذي توقّف في شكل شبه كامل بعد الانقسام الفلسطينيّ.

وبيّن أنّ وزارته كانت تخصّص كلّ عام 200 ألف دولار لتنظيم تلك الأنشطة، إلّا أنّ رفض حكومة التوافق تحويل الأموال إلى الوزارات في غزّة بسبب الانقسام بين فتح وحماس عام 2007 يحول دون تنظيمها، مشدّداً في الوقت ذاته على الدور الكبير الذي توصله تلك الأنشطة إلى الجيل الصغير، بغضّ النظر عن أهداف كلّ جهّة تقف خلف تلك الأنشطة.

أبدى أولياء الأمور من جانبهم، انقساماً في الوجهة التي يضعونها نصب أعينهم لمشاركة أبنائهم في تلك الأنشطة، فتقول سهاد نصار، وهي أمّ لـ3 أطفال تتراوح أعمارهم بين الـ8 والـ14 عاماً لـ"المونيتور"، إنّها ترغب في أن يشارك أبناؤها في أنشطة تعود عليهم بالفائدة، بعيداً عن الأمور التنظيميّة التي تقدّمها الفصائل، معتبرة أنّ أنشطة وكالة "الأونروا" تشكّل المكان الآمن الذي يمكن أن توجّه أطفالها إليه، على الرغم من الضغوط التي تعرّض إليها أطفالها من قبل بعض التنظيمات الفلسطينيّة (رفضت تسميتها) ليشاركوا في أنشطتها.

ورأى محمّد نوفل، وهو أب لطفل واحد يبلغ عمره 10 سنوات في حديث إلى "المونيتور" أنّ المخيّمات التي تنظّمها حركة حماس هي الوجهة المفضّلة له لالتحاق ابنه بها، لطبيعة البرامج التي تقدّم فيها، قائلاً: "أريد أن ينشأ طفلي على حقيقة أنّ بلده محتلّ من الإسرائيليّين، ويجب أن يتعلّم الفنون العسكريّة ليصبح مقاتلاً في المستقبل ويشارك في تحريرها".

في النهاية، تبقى القناعة المترسّخة عند أولياء الأمور في أنّ القائمين على إقامة تلك الأنشطة يهدفون إلى بثّ أفكارهم بين الأطفال، أملاً في أن ينجحوا في جذبهم إلى جانبهم في المستقبل، فيكونون عناصر فعّالة في تلك التنظيمات.

الرابط الأصلي:



الأحد، 5 يونيو 2016


"التحريض عبر فيسبوك" تهمة إسرائيليّة جديدة لزجّ الفلسطينيّات في المعتقلات
أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزّة - قطاع غزّة – شهد نهاية عام 2015 ومطلع عام 2016، إرتفاعاً متصاعداً في أعداد الفلسطينيّين المعتقلين لدى إسرائيل، وتحديداً أولئك المعتقلين على خلفيّة كتاباتهم على صفحات التّواصل الإجتماعيّ، كأحدث تهمة توجّه إلى الفلسطينيّين من قبل السلطات الإسرائيليّة لكبح جماح الإنتفاضة الشعبيّة. لقد شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2015، اعتقال 130 فلسطينيّاً بتهمة التحريض عبر "فيسبوك"، فيما شهد شهر آذار/مارس من عام 2016 فقط اعتقال 148 فلسطينيّاً بسبب تلك التهمة (التحريض عبر فيسبوك).

حيث أفاد مركز "أسرى فلسطين للدراسات" في تقرير صادر عنه في 17 أيّار/مايو من عام 2016، أنّ 28 حال اعتقال نفّذت بحقّ فتيات فلسطينيّات من الضفّة الغربيّة بتهمة "التحريض عبر الفيسبوك"، حيث قضين أحكاماً إداريّة بالسجن تتراوح بين 45 يوماً و6 أشهر، فيما بقيت 4 منهنّ داخل السجون الإسرائيليّة لاستكمال فترة اعتقالهنّ.

وكشفت إسرائيل في 20 شباط/فبراير من عام 2016 عن وحدة "حتسف" المتخصّصة في مراقبة وسائل التّواصل الإجتماعيّ والإعلام الخاصّة بالعرب والفلسطينيّين، والّتي أنشئت منذ 10 سنوات، حيث تقوم الوحدة بإمداد جهاز الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة "أمان" بالمعلومات الّتي يمكن الإستفادة منها في اتّخاذ القرارات والعمليّات الأمنيّة، فيما أطلقت المخابرات الإسرائيليّة 5 آلاف حساب "فيسبوك" باسم فتيات عربيّات لمراقبة الحسابات العربيّة وأخذ المعلومات منها، رغم اتّهام إسرائيل لشركة "فيسبوك" بأنّها تساعد في التّحريض ضدّ الإسرائيليّين ما دفع بالشركة إلى إغلاق العديد من الحسابات والصفحات الفلسطينية.

وفي هذا المجال، ذكر مدير مركز "أسرى فلسطين للدراسات" أسامة شاهين لـ"المونيتور" أنّ تهمة الإعتقال بسبب كتابة منشور (تحريضي ضد الإسرائيليين) على "فيسبوك" لم يكن متعارف عليها سابقاً، فهي تهمة إسرائيليّة جديدة لتبرير إعتقال الشبّان والفتيات الفلسطينيّات بهدف وأد الإنتفاضة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة.

وأشار إلى أنّ مركزه وثّق 300 حال إعتقال على تلك التّهمة (منشورات تحريضية ضد الإسرائيليين ونشر صور منفذي عمليات الدهس والطعن ضد الإسرائيليين) خلال الإنتفاضة الّتي اندلعت أحداثها في بداية تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015 وحتّى منتصف أيّار/مايو من عام 2016، حيث يعتقل الجميع إداريّاً لأنّه لا توجد في القانون الإسرائيليّ تهمة تدين هؤلاء بسبب كتاباتهم على "فيسبوك"، مشيراً إلى أنّ ذلك المبرّر أدّى إلى أنّ تحكم المحكمة الإسرائيليّة على معتقل فلسطينيّ (لم يذكر اسمه) بالسجن 7 أعوام.

وأوضح أنّ المحاكم الإسرائيليّة، هي الّتي شرّعت تلك التّهمة، الّتي تمثّل إنتهاكاً صارخاً لحريّة الرأي والتعبير، ولم يستبعد في الوقت ذاته أن تشرّع إسرائيل قوانين جديدة لتبرير إعتقال الفلسطينيّين.

وإنّ جورين قدح 19 عاماً، هي طالبة جامعيّة من قرية شقبا في رام الله بوسط الضفّة الغربيّة، وإحدى الفتيات الفلسطينيّات اللّواتي اعتقلهنّ الجيش الإسرائيليّ بسبب كتابات على "فيسبوك" فجر 29 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015 من منزلها لتمكث في إحدى السيّارات العسكريّة الإسرائيليّة 18 ساعة، قبل أن يتمّ نقلها إلى سجن هشارون ومن ثم إلى سجن الرملة ومنه إلى سجن عوفر للتحقيق معها قبل أن تعود مجدداً لسجن هشارون الذي قضت فيه مدة محكوميتها. 

وكشفت جورين لـ"المونيتور" أنّ جلسة التحقيق الّتي استمرّت معها أقلّ من نصف ساعة تركّزت فيها أسئلة المحقّقين حول كتاباتها على "فيسبوك"، مؤكّدة أنّها تعرّضت لتحرّش لفظيّ من قبل أحد المحقّقين الإسرائيليّين، حيث طالبها بخلع حجابها ليرى شعرها.

وذكرت أنّ بعد عرضها على المحكمة الإسرائيليّة، أمر القاضي الإسرائيليّ في 1 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2015 باعتقالها إداريّاً لمدّة 3 أشهر، من دون أن يفصح عن التّهمة الّتي بسببها ستقضي مدّة الإعتقال، واكتفى بالقول: "ملف الإتّهام سريّ، وكشفه يضرّ بمصدر المعلومات، فجورين تفاخرت بعمليّات قتل الإسرائيليّين عبر فيسبوك"، مشيرة إلى أنّ المنشور الّذي وضعته على "فيسبوك" لا علاقة له بالإسرائيليّين، بل هو منشور إجتماعيّ.

وكذلك، اعتقلت مجد عطوان 22 عاماً، وهي فلسطينيّة ثانية من بيت لحم - جنوب الضفّة الغربيّة، بسبب منشوراتها على "فيسبوك" المساندة للإنتفاضة الفلسطينيّة، معتبرة أنّ ما قامت به حريّة شخصيّة يكفلها لها القانون، ومشدّدة على أنّها ستستمرّ في الكتابة على "فيسبوك"، وقالت لـ"المونيتور": "تعرّضت منذ اللّحظة الأولى لاعتقالي من منزلي فجر 19 نيسان/إبريل من عام 2016 إلى ضرب وتعذيب، تركّز على قدمي اليسرى، وعلى بطني حيث كنت قد أجريت في وقت سابق عمليّة جراحيّة".

وأشارت إلى أنّ المحقّق سألها لماذا تكتبين منشورات كهذه على "فيسبوك"؟ فقالت له: إنّه حقّ شخصيّ، وسأستمرّ في الكتابة.
وحكمت المحكمة الإسرائيليّة على عطوان بالسجن 45 يوماً، وغرامة ماليّة تقدّر بـ3 آلاف شيقل ليفرج عنها قبل انتهاء حكمها في 19 أيّار/مايو من عام 2015.

ومن جهتها، ذكرت والدة المعتقلة الفلسطينيّة في السجون الإسرائيليّة سعاد زريقات، وهي إحدى الفلسطينيّات اللّواتي يتهمهنّ الجيش الإسرائيليّ بالتحريض عبر "فيسبوك" أنّ الجيش الإسرائيليّ اقتحم فجر 3 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2015 منزلها الكائن في بلدة تفوح - شمال الخليل، واعتقلت سعاد في شكل همجيّ.

وقالت الوالدة لـ"المونيتور": إنّ مركز أسرى فلسطين للدراسات أبلغهم أنّ لائحة الإتّهام الّتي اطّلعوا عليها تحتوي على اتّهام لابنتها سعاد بأنّها تحرّض ضدّ الإسرائيليّين عبر "فيسبوك" من خلال المنشورات والصور الّتي تنشرها، وحكم عليها بالسجن الإداريّ 6 أشهر، قبل أن يتمّ التجديد لها 4 أشهر أخرى.

وأشارت إلى أنّها وأبناءها الذكور ممنوعون من زيارة سعاد تحت ذرائع أمنيّة، فيما سمحت إسرائيل لشقيقات سعاد الصغيرات فقط بزيارتها، مشيرة إلى أنّ ابنتها خاضت إضراباً عن الطعام داخل الزنزانة الإنفراديّة الّتي مكثت فيها 20 يوماً قبل أن تنهي إضرابها بعد استجابة مصلحة السجون الإسرائيليّة لمطلبها بإخراجها من العزل الإنفراديّ ووضعها في سجن الأسيرات بهشارون.

من جهته، اتّهم مدير فرع المركز الفلسطينيّ لحقوق الإنسان في الضفّة الغربيّة سميح محسن إسرائيل بعدم احترام القوانين الدوليّة الخاصّة بحقوق الإنسان وبأنّها شرّعت إعتقال الكثيرين بسبب آرائهم، مشيراً إلى أنّ المادّة 19 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والمادّة 19 من العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة تنصّان على احترام حريّة الرأي والتعبير.

وأوضح لـ"المونيتور" أنّ بعد الأحداث (الإنتفاضة) الّتي شهدتها الضفّة الغربيّة بداية تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2015، خصّصت إسرائيل وحدة لمراقبة ما يكتبه الفلسطينيّون على مواقع التّواصل الإجتماعيّ، واعتقلت الكثيرين بسبب الكتابات على "فيسبوك" أو التعبير عن موقف معارض للإحتلال، وهو ما اعتبره حال إفلاس من قبل المؤسّسة الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة.

ويبقى التساؤل الأهمّ عند أولئك الّذين اعتقلتهم إسرائيل على خلفيّة الكتابات على "فيسبوك"، لماذا لا يتمّ إعتقال الإسرائيليّين، الّذين يحرّضون على الفلسطينيّين عبر "فيسبوك"؟.



مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...