الجمعة، 17 أبريل 2020

هل ستؤدي جائحة "كورونا" إلى تحفيز صفقة تبادل أسرى بين حماس و(إسرائيل)؟


أحمد أبو عامر – المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – لا تزال المبادرة التي أطلقها رئيس المكتب لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار في 3 أبريل الجاري، حول استعداد حركته لإجراء مفاوضات تبادل أسرى تحدث ردات فعل في (إسرائيل)، ومن جانب الوسطاء وتحديداً المصريين والروس الذين بدأوا التحرك بعيداً عن وسائل الإعلام لاستغلال تلك المبادرة من أجل التقدم في الملف الذي بقي مجمداً لأكثر من 5 سنوات.

وذكر السنوار في مقابلة متلفزة مع قناة الأقصى التابعة لحماس، أن حركته على استعداد لتقديم "مقابل جزئي" لـ(إسرائيل) في ملف تبادل الأسرى من أجل الإفراج عن أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وتحديداً كبار السن والمرضى والأطفال والنساء، مستدركاً بالقول: "لكن المقابل الكبير لصفقة تبادل الأسرى هو ثمن كبير يجب أن يدفعه الاحتلال".

مبادرة السنوار المفاجئة تلقفتها (إسرائيل)، وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 7 أبريل الجاري، بياناً جاء فيه: "إن منسق شؤون الأسرى والمفقودين يارون بلوم وطاقمه بتعاون مع هيئة الأمن القومي والمؤسسة الأمنية، مستعدون للعمل بشكل بناء من أجل استعادة القتلى والمفقودين وإغلاق هذا الملف ويدعون إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء".

حماس كانت قد أعلنت عن أسر اثنين من الجنود الإسرائيليين خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، وترفض حتى اليوم الكشف عن مصيرهم، فيما تقول (إسرائيل) إن الجنديين قتلا خلال المعارك، وأعلنت الحركة عام 2015، عن اعتقال إسرائيليين اثنين بعد تسللهم إلى قطاع غزة.

ويشهد ملف التبادل بين الجانبين حالة من الجمود منذ نهاية حرب عام 2014، وذلك في ظل اشتراط حماس إفراج (إسرائيل) عن الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم في صفقة تبادل الأسرى مع الحركة عام 2011، وأعادت (إسرائيل) اعتقالهم قبل حرب عام 2014، وهو الشرط الذي ترفضه (إسرائيل).

وأصدر أولئك الأسرى بياناً في 11 أبريل الجاري، طالبوا فيه حركة حماس إلى التمسك بمطلبها بالإفراج عنهم قبل الشروع في أي مفاوضات لتبادل الأسرى، وعبروا عن امتعاضهم من إبداء حماس لبعض الليونة في مواقفها من أجل تحريك الملف.

مسئول ملف الأسرى في حركة حماس موسى دودين كشف لـ"المونيتور" عن تلقي حركته لاتصالات من العديد من الوسطاء الذين نشطوا سابقاً بين حماس و(إسرائيل) لإطلاق مفاوضات تبادل أسرى بين الجانبين وتحديداً من مصر وقطر وتركيا وألمانيا.

وأوضح دودين أن الوسطاء طلبوا خلال اتصالاتهم بعض الاستفسارات حول المبادرة التي أطلقها السنوار، مشيراً إلى أن مبادرتهم واضحة وينتظرون ما يمكن أن تقوم به (إسرائيل) من خطوات مماثلة للبدء في مفاوضات حقيقية.

وبين مسئول ملف الأسرى في حماس أن مبادرتهم إنسانية، وجاءت في ظل الظروف الحالية التي يتفشى فيها وباء كورونا في (إسرائيل)، ويخشون أن يصل الوباء للأسرى ويفتك بكبار السن منهم والأطفال والمرضى والنساء، ورفض دودين الكشف عن الخطوات التي يمكن أن تقدمها حماس لتحريك الملف، مشدداً على أنهم ينتظرون خطوة إسرائيلية جدية قبل الكشف عن خطواتهم.

حماس حاولت خلال السنوات الماضية تحريك ملف التبادل عبر مواد إعلامية مصورة بهدف إجبار عائلات الإسرائيليين الأسرى للتحرك والضغط على الحكومة الإسرائيلية لبدء المفاوضات مع حركة حماس، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح أيضاً.

صحيفة الأخبار اللبنانية ذكرت في 9 أبريل الجاري، أن المخابرات المصرية وفور إعلان السنوار عن مبادرته بدأت اتصالاتها الهاتفية بين الجانبين، وذلك بهدف التعرف على الموقف الدقيق للحكومة الإسرائيلية من المبادرة.

مسئول في البرلمان المصري مقرب من جهاز المخابرات المصري طلب عدم الكشف عن هويته، أكد لـ"المونيتور" أن تحرك المخابرات المصرية جاء بعد إعلان مكتب نتنياهو استعداد فريق التفاوض للبدء في حوار جدي عبر الوسطاء، مشيراً إلى أن الوضع الحالي في (إسرائيل) والمنطقة في ظل جائحة كورونا يمكن أن يساهم في التقدم بالملف.

وبين أن القاهرة تولي ملف التبادل بين حماس و(إسرائيل) اهتماماً كبيراً، لقناعتها أن نجاح جهودها في فكفكة الكثير من الخلافات بين الجانبين وتحديداً في رفع الحصار المفروض على قطاع غزة مرتبط بإنهاء ملف الإسرائيليين لدى حماس، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة تحركاً أكبر من قبل المخابرات المصرية.

وأوضح أن (إسرائيل) تطالب بالإفراج عن الإسرائيليين المدنيين الذين اعتقلتهم حماس عام 2015، وكذلك معرفة مصير الجنديين الذين تم أسرهم خلال حرب 2014، من أجل الذهاب لتحقيق صفقة صغيرة مع حماس على غرار الصفقة التي تمت عام 2009، والتي أفرج بموجبها عن عشرات الأسيرات الفلسطينيات مقابل شريط مصور للجندي جلعاد شاليط.

صحيفة هآرتس دعت في 10 أبريل الجاري، نتنياهو إلى التعامل الجدي مع مبادرة السنوار، واستغلال الفرصة من أجل التقدم في ملف تبادل الأسرى، والذي كان يقف عائقاً أمام التقدم في ملف مباحثات التهدئة، ودعت نتنياهو إلى تبني الجانب الإنساني في المبادرة.

مدير مركز القدس لدراسات الشأن الفلسطيني والإسرائيلي علاء الريماوي توقع في حديث مع "المونيتور" أن يشهد ملف تبادل الأسرى بين حماس و(إسرائيل) تقدماً خلال الأشهر المقبلة، وذلك في ظل رغبة الطرفين إنهاء الملف، ناهيك عن استغلال الطرفين للجانب الإنساني بسبب جائحة كورونا والتي قد تشكل مبرراً لكليما ليقدم تنازلات أمام جمهوره.

وأوضح الريماوي أن نتنياهو لن يفوت الفرصة التي قدمتها حماس، وسيدفع بالوسطاء للتحرك بشكل قوي لتحقيق أي إنجاز، وذلك على الرغم من الفراغ السياسي في (إسرائيل)، إذ أن ملف الأسرى يعد من الملفات ذات الاهتمام من أعلى المستويات في (إسرائيل) ولا يخضع لأي تجاذبات سياسية.

من جانبه، رأى المحلل السياسي والكاتب في صحيفة فلسطين المقربة من حركة حماس إياد القرا في حديث مع "المونيتور" أن مبادرة السنوار أراحت الوسطاء الذين بدأوا اتصالاتهم لاستغلال المبادرة في إنهاء حالة الجمود الذي غلبت على الملف خلال السنوات الماضية.

وتبقى حالة الترقب في الشارع الفلسطيني لما ستحمله الأيام المقبلة من خطوات قد يقوم بها كلا الطرفين للتقدم بشكل أكبر في ملف تبادل الأسرى رغم التوقعات بأن مشوار إنجاز الصفقة ما يزال طويلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...