الأربعاء، 23 ديسمبر 2020

الإمارات تزاحم قطر في ساحة قطاع غزة


أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – وصلت الأزمة الصحية التي يعاني منها قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك في ظل تفشي وباء كورونا بين السكان، ونفاذ عشرات أصناف الأدوية من مستودعات وزارة الصحة، بالإضافة إلى نفاذ المسحات المستخدمة في فحص وباء كورونا واشغال غالبية أسرة العناية الفائقة وأجهزة التنفس الصناعي في المستشفيات.

الضغط الكبير على المنظومة الصحية في قطاع غزة يهددها بالانهيار في أي لحظة، الأمر الذي دفع بالقائمين على وزارة الصحة لمناشدة دول العالم لتقديم الدعم العاجل لمنع الانهيار، وإنقاذ أرواح من بحاجة لرعاية طبية ولا يوجد مكان لهم في المستشفيات.

دولة الامارات كانت آخر الدول التي قدمت الدعم لقطاع غزة، وأرسلت في 17 ديسمبر الجاري، طائرة شحن محملة بـ 14.4 طناً من المستلزمات الطبية ومسحات لفحص كورونا هبطت في مطار القاهرة ونقلت حمولتها براً إلى قطاع غزة، واستلمتها لجنة التكافل الوطنية وسلمت محتوياتها لوزارة الصحة في غزة.

 شحنة المستلزمات الطبية الإماراتية تعد الثالثة منذ مايو الماضي، والتي جاءت بعد أيام من تقديم قطر لمنحة مالية لوزارة الصحة في قطاع غزة من أجل تغطية عجز الاكسجين السائل الذي تعاني منه مستشفيات قطاع غزة، ناهيك عن دعم الدوحة لقطاع غزة منذ مارس الماضي بـ 150 مليون دولار لمساعدة الفلسطينيين في مواجهة وباء كورونا.

المسئول في حركة حماس ووكيل وزارة الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة غازي حمد أكد لـ"المونيتور" أن شحنة المستلزمات التي قدمتها الإمارات لقطاع غزة ستساهم في التخفيف من وطأة الأزمة الصحية التي يعاني منها قطاع غزة ولو بشكل آني.

وأوضح حمد أنهم لا يمانعون في استقبال أي دعم من أي دولة للتخفيف من المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني وسكان قطاع غزة، معبراً عن شكره للجنة التكافل ودولة الإمارات على إرسال شحنة المستلزمات الطبية.

وتمنى أن تواصل الإمارات وغيرها من الدول في تقديم الدعم بكافة أشكاله لقطاع غزة، والمساعدة في إنقاذ المنظومة الصحية من الانهيار في ظل الضغط الكبير الذي تعاني منه جراء ارتفاع الإصابات بوباء كورونا.

وسجل قطاع غزة في 17 من ديسمبر الجاري، رقماً قياسياً في إصابات كورونا إذ أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1015 إصابة بالفيروس خلال 24 ساعة، ليبلغ إجمالي الإصابات منذ بداية دخول الفايروس قطاع غزة في مارس الماضي، وحتى 18 ديسمبر الجاري، إلى 32158 و237 حالة وفاة.

مسئول مقرب من السفير القطري في غزة طلب عدم الكشف عن هويته أكد لـ"المونيتور" أن قطر تسعى لتوفير شحنة من اللقاحات المضادة لفايروس كورونا وإيصالها لقطاع غزة في الفترة المقبلة لتطعيم الطواقم الطبية العاملة في مواجهة وباء كورونا، وذلك بهدف حماية المنظومة الصحية من الانهيار.

وأوضح أن قطر كانت من أوائل الدول في مساعدة الفلسطينيين وتحديداً في قطاع غزة لمواجهة وباء كورونا عبر تقديم منحة مالية بقيمة 150 دولار في مارس الماضي، توزعت على شراء المسحات وجهاز فحص جديد وسريع، وكذلك شراء كميات كبيرة من الأوكسجين للمرضى، وتوزيع مئات آلاف الطرود الغذائية وجبات الطعام على المرضى والمحجورين.

التنافس الإماراتي القطري ليس وليد اللحظة بل ممتد منذ سنوات، وذلك في ظل احتضان أبو ظبي للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان والذي يمتلك نفوذاً جماهيراً جيداً في قطاع غزة، وتقديمها عبر تياره مساعدات مالية وإغاثية لسكان قطاع غزة بملايين الدولارات على مدار سنوات.

وبلغت ذروة تلك المساعدات في الفترة ما بين سبتمبر 2017 ويونيو 2019، عندما قدمت الإمارات عبر لجنة التكافل التي تضم غالبية الفصائل الفلسطينية، 8 ملايين و700 ألف دولار -بواقع 50 ألف دولار للأسرة الواحدة- لـ 174 أسرة فقدت أحد أبنائها بفعل أحداث الانقسام الداخلي عام 2007، والذي قتل فيه 600 شخص.

المسئول في التيار الإصلاحي وعضو لجنة التكافل أشرف جمعة قال لـ"المونيتور": "شحنة المساعدات الإماراتية جاءت استجابةً للمناشدات التي أطلقتها وزارة الصحة في غزة في ظل تفشي وباء كورونا"، مشيراً إلى أنها تأتي في توقيت حساس لمواجهة الأزمة الصحية في غزة.

وأوضح أن تلك المساعدات دخلت قطاع غزة بعد التنسيق بين الإمارات ولجنة التكافل التي تضم الفصائل الفلسطينية بما فيها التيار الإصلاحي، معبراً عن شكره للإمارات على الدعم الذي قدمته.

دخول المساعدات الإماراتية جاء مفاجئاً لسكان القطاع، وذلك بعد تطبيع الإمارات لعلاقاتها مع إسرائيل، وخروج تظاهرات قادتها حركة حماس والفصائل الفلسطينية منتصف أغسطس الماضي، منددة بالخطوة الإماراتية مع إسرائيل، وفسر البعض إرسال المساعدات بمثابة عملية تخفيف من وطأة الغضب الفلسطيني تجاه أبو ظبي.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية البرفسور عبد الستار قاسم اعتبر في حديث مع "المونيتور" أن حماس ارتكبت خطأً بسماحها بمرور المساعدات الإماراتية لقطاع غزة، معتقداً أن الإمارات بتلك المساعدات أرادات تجميل صورتها بعد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ناهيك عن محاولاتها المستمرة لمزاحمة الدور القطري في قطاع غزة.

وتوافق المحلل السياسي والكاتب في صحيفة الأيام الفلسطينية طلال عوكل مع سابقه في حديث مع "المونيتور" بأن الإمارات تحاول مزاحمة قطر في ساحة قطاع غزة، على الرغم من أن الدعم القطري المباشر لقطاع غزة يفوق الدعم الإماراتي.

وأوضح عوكل أن الدعم الإماراتي المقدم فعلياً لا يساهم بشكل كبير في حل المشكلة الصحية في قطاع غزة، لافتاً إلى أن المحاولات الإماراتية لمزاحمة الدور القطري في غزة لم تتوقف منذ سنوات، وهدفها إبعاد قطر عن حماس وصولاً إلى إضعاف الحركة.

وبلغت قيمة المساعدات التي قدمتها الإمارات للفلسطينيين منذ عام 2013، بشكل مباشر أو عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا قرابة 840 مليون دولار، فيما بلغ الدعم القطري للفلسطينيين وتحديداً المباشر لقطاع غزة منذ عام 2012، وحتى نهاية 2020، أكثر من مليار و40 مليون دولار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...