الجمعة، 17 يونيو 2022

حماس تضطر للاستدانة من البنوك لتوفير الرواتب للموظفين


أحمد أبو عامر - المونيتور

مدينة غزة، قطاع غزة – تعاني وزارة المالية التي تديرها حركة حماس من أزمة مالية جديدة جراء ضعف الإيرادات المحلية التي يتم تحصيلها من الضرائب في قطاع غزة، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار غالبية السلع الاستهلاكية المستوردة جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، واضطرار وزارة مالية حماس لدعم بعض تلك السلع.

وجاءت المحروقات وغاز الطهي المورد من مصر في مقدمة السلع التي خفضت حماس الجباية عليها، بل وقامت بدعمها مالياً عبر دفع فارق السعر الجديد بعد غلائها عالمياً، وهو الأمر الذي أضعف من عائدات الضرائب، وبالتالي شح الأموال في خزينة وزارة المالية -كما تقول حماس-.

كما وأدى انخفاض حجم السلع التي تورد لقطاع غزة من مصر ورفع أسعار بعضها خلال الأشهر الماضية إلى الإضرار المالي بحماس، الأمر الذي دفع برئيس لجنة العمل الحكومي في غزة عصام الدعاليس لزيارة القاهرة بداية الشهر الجاري، في محاولة لرفع مستوى التبادل التجاري بين الجانين وبالتالي تحسين الإيراد المالي وهي الزيارة التي وصفها الدعاليس في 6 يونيو الجاري، بأنها إيجابية.

وظهرت أولى علامات الأزمة المالية بداية شهر يونيو الجاري، إذ اضطرت مالية حماس في 5 يونيو الجاري، للاستدانة من بنكي "الوطني الإسلامي" و"الإنتاج" المحليين لدفع رواتب موظفيها في قطاع غزة، والبالغ عددهم 45 ألف موظف.

مصدر في وزارة المالية بغزة كشف لـ"المونيتور" أن قيمة فاتورة رواتب الموظفين الشهرية تبلغ 100 مليون شيقل (29.411 مليون دولار)، والتي يتم تحصيلها من خلال الضرائب، وكذلك من المنحة المالية القطرية والتي تبلغ قيمتها 30 مليون دولار شهرياً، وخصص ثلثها سابقاً لصالح دعم رواتب الموظفين.

وأوضح المصدر أن وزارة المالية منذ 3 أشهر وهي تقوم بدعم بعض السلع التي شهدت ارتفاعاً على مستوى العالم وفي مقدمتها المحروقات وغاز الطهي والذي دعمته وزارة المالية على مدار الـ 3 أشهر الماضية بـ 17 مليون شيقل (5 ملايين دولار)، ناهيك عن دعم عدد من السلع الأخرى ببضعة ملايين من الشواقل.

وشدد على أن جزء آخر من الأزمة المالية يعود إلى تراجع قيمة المنحة القطرية التي تقدم للموظفين، إذ كانت في العام الماضي تصل إلى 10 ملايين دولار شهرياً، ولكنها تراجعت إلى 7 ملايين دولار، ومن ثم حالياً تصل إلى أقل من 5 ملايين دولار فقط.

وأشار المصدر أن الوزارة اضطرت منذ بداية الشهر الجاري لرفع جزءاً من الدعم الذي كانت تقدمه لبعض السلع وفي مقدمتها المحروقات وغاز الطهي بسبب الأزمة المالية، الأمر الذي رفع سعر أسطوانة غاز الطهي زنة 12 كيلو من 64 شيقلاً (18.8 دولار) إلى 72 شقيلاً (21.2 دولار) للمستهلك.

ارتفاع الأسعار عالمياً ورفع المالية في غزة الدعم عن بعض السلع ألقى بظلاله السلبية على أوضاع المواطنين في قطاع غزة والذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومالية صعبة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 15 عاماً.

وأظهرت ورقة حقائق صادرة عن مركز الميزان لحقوق الإنسان في 14 يونيو الجاري، أن نسبة الفقر في قطاع غزة وصلت إلى 53 بالمائة، والبطالة إلى 47 بالمائة، وسجلت معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى 64 بالمائة.

من جانبه، ذكر مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف لـ "المونيتور" أنه خلال الأشهر الثلاث الماضية شهدت أسعار السلع الموردة من مصر لقطاع غزة ارتفاعاً كبيراً، ما اضطر وزارة المالية لتحمل التكاليف المالية الجديدة للسلع بدل من رفع أسعارها على المواطنين، وتحديداً غاز الطهي والوقود.

وبين معروف أن وزارة المالية منذ بدء الغلاء العالمي للأسعار اعتمدت خطة تقشفية لمحاولة دعم السلع من جانب، وتخفيف الجباية من جانب آخر، وكذلك توفير المبالغ المالية التي تحتاجها المؤسسات الحكومة شهرياً وفي مقدمتها رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية للوزارات، إذ تحتاج الأخيرة ما يقرب من 30 مليون شيقل شهرياً (8.823 مليون دولار) إلى جانب الـ 100 مليون شيكل كرواتب للموظفين (29.411 مليون دولار).

وعلى الرغم من دعم حماس لبعض السلع إلا أن أسعار الخبز على سبيل المثال ارتفعت بنسبة (0.3 دولار) لكل ثلاثة كيلوات، ويضطر غالبية سكان قطاع غزة للاعتماد على الدقيق الذي يتم توزعيه عليهم من قبل وكالة تشغيل اللاجئين الأونروا.

اقتصاد غزة الذي تديره حركة حماس يعتمد بشكل يومي على الإيرادات المحلية، وأي إغلاق للمعابر سواءً مع إسرائيل أو مصر يؤدي إلى خلل كبير في الجباية، فقد أغلقت مصر بوابة صلاح الدين التجارية مع قطاع غزة 4 أيام بسبب عيد الفطر الشهر الماضي، ناهيك عن إغلاق إسرائيل لمعبر إيريز شمال قطاع غزة لأكثر من أسبوع بسبب التوتر الأمني وهو ما حرم غزة من 5 ملايين شيقل يومياً (1.170 مليون دولار) هي رواتب العمال الغزيين الذين حرموا من دخول إسرائيل.

أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة معين رجب رأى في حديث مع "المونيتور" أن الأزمة المالية في غزة ستتعمق في ظل الارتفاع المتواصل للأسعار وتراجع السيولة النقدية في أيدي المواطنين.

وقال رجب: "الكثير من الأموال التي تخرج من غزة لشراء السلع بأسعارها الجديدة عالمياً، يصعب تعويضها جراء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وغياب التبادل التجاري الحقيقي لقطاع غزة مع دول العالم باستثناء مصر".

وتوقع رجب أن تعاني حماس على مدار أشهر قادمة في فاتورة رواتب موظفيها، معتبراً أن الحل الأمثل والسريع يتمثل في مقدرة حماس على إقناع قطر رفع قيمة المنحة المالية التي تقدم للموظفين كل شهر لمحاولة توفير سيولة معقولة في صندوق وزارة المالية.

من جانبه، استغرب المختص الاقتصادي في صحيفة الرسالة المقربة من حركة حماس أحمد أبو قمر في حديث مع "المونيتور" من عدم وجود موازنة طوارئ لحكومة حماس، قائلاً: "لا يعقل أن يتم الإعلان عن أزمة مالية بعد 3 أشهر فقط من الغلاء العالمي بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا".

وتوقع أن أبو قمر أن تواصل وزارة المالية في غزة رفع الدعم الذي تقدمه لبعض السلع بشكل تدريجي، لمحاولة إصلاح الخلل المالي الذي جرى على مدار ثلاثة أشهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

مقاتلون بارزون في عرين الأسود يسلمون أنفسهم للسلطة

أحمد ابو عامر - المونيتور مدينة غزة، قطاع غزة – سلم المزيد من مقاتلي مجموعة عرين الأسود في نابلس أنفسهم للسلطة الفلسطينية،  وذلك في ظل الاتص...